القتلى من التزوّج، وبعدم قسم المواريث المتخلفة عنهم، وبعدم السماح لأهل البر والإحسان بتبنّي يتاماهم ...
أفلا نعذر بعد هذا كله إذا فهمنا أن تلك المعاملات تنشيط للمجرمين، وتشجيع لهم على العودة إلى اقتراف أمثالها؟ إن مكيدة "فج مزالة" المكشوفة لمصداق لفهمنا واعتقادنا.
أفلا نُعذر إذا أيّدنا فهمنا هذا بخروجنا من السجون والمعتقلات في حوادث ٨ ماي ... فقد أطلقوا سراحنا باسم العفو والامتنان، كأننا مجرمون ألحفنا العفو، لا مظلومون برّأتنا العدالة.
...
وجمعية العلماء كانت أول طعمة لنار تلك الحوادث، وكان حظها من السجن والاعتقال أوفر الحظوظ، وها نحن أولاء نقلب الطرف في هذه القائمة "المزالية" فنجد أكثرها من رجال جمعية العلماء وأنصارها وأعوانها على الخير، فهذا الشيخ عبد المجيد حيرش وأسرته، تكاد تستوفيهم القائمة عدًّا، والذي نعرفه ويعرفه كل الناس أن هذه الأسرة بعيدة عن السياسة قريبة من العلم، فلا ذنب لها عند الحكومة إلا انتسابها لجمعية العلماء، ولا ذنب لها عند "الكولون" إلا احتفاظها بقطع أرض في بحر لجيّ من أملاك المعمّرين، وقد تلقّت هذه الأسرة في حوادث ٨ ماي ضريبة قاسية، فأودع رجالها السجون واستؤصلت نعمتهم، وانتهبت نقودهم وذخائرهم، وذبحت أنعامهم، مع بعدهم وبعد ديارهم عن مسرح الحوادث، والشيخ عبد المجيد حيرش عضو في جمعية العلماء، منقطع للعلم والتعليم، مدرّس بالمعهد الباديسي في قسنطينة، فما شأنه في القائمة السوداء ... المكشوفة حديثًا؟
لا عجب ... فلو كشفت بقية القوائم لوجدنا رجالَ الجمعية منزلين في منازلهم منها ...
...
إن الشعب الأعزل محكوم عليه بالموت شاهدًا وغاًئبا، وإن الشعب الذي لا يشارك أبناؤه في الإدارات الحاكمة، ولا رأي له في تشريع ولا تنفيذ، لا ينتظر إلا أمثال هذه الحالة، يحيا مع الحيّات، فيجاورها وتجاوره، وهو لا يدري متى تساوره، ويعطيها من دمه، فتعطيه من سمّها.
وإذا كان في الغرابة غريب فهاكه: اقرأ ما كتب عن مكيدة "فج مزالة" فإذا وصلت إلى قوائم "الميلسيا"(١) فإنك ستجد في آخر كل قائمة اسمًا عربيًّا أو اسمين ... كأنهم جعلوها