للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستعمار- كما لا تعلمون- بعيد النظر، عارف بما للمرأة في أمتها من الأثر، فهو - لهذا- حرّككم، وما زال يحرّككم لإثارة هذا الغبار الأسود في وجه جمعية العلماء، وهو الذي اختار لكم من بين المواضيع الكثيرة هذا الموضوع الشائك، لأنه قدّر له نتيجة - وأخطأ في تقديرها- وهي تشكيك الأمة في أعمال جمعية العلماء، وإحداث أثر من سوء الظن في نفوسها، وتكون النتيجة زعزعة ثقة الأمة بالجمعية في خصوص تعليم البنت وإعراضها عن هذا النوع من التعليم، وتكون النتيجة النهائية رجوع المرأة المسلمة إلى الجهل ثم إلى الفجور، أو إلى هذا الاسترقاق الذي يسمّى استخدامًا ...

هذا حظ الاستعمار من جهل المرأة المسلمة بدينها ولغتها، وهذه هي النتيجة التي نَعِم بها حينًا من الدهر لو لم تكدرها عليه جمعية العلماء بهذه البداية التي عرف نهايتها، وهذا أحد الدروس التي يجب أن يتلقّاها الأغرار مثلكم، من المجرّبين أمثالنا، لو هيّأ الله لكم من أمركم رشدًا. وهناك نتيجة ثانية لجهل البنت، نراكم أحرجتمونا إلى بيانها إحراجًا مؤسفًا، وهي نتيجة تُشبع شهواتكم وحدكم، ولا يأمر بها الاستعمار، ولكنها لا تسوءُه إن حصلت وهي حقيقة يندى لها الجبين خجلًا لو أبقت الوقاحة فيكم قطرة من حياء. أتدرون ما هي؟

هي ... أننا أدركنا وأدركتم أقوامًا منّا كانوا يأخذون البنات المسلمات هدايا بلا صداق، ويعاملونهن كالسبايا بلا عتاق، ثم يتركونهن محبوسات بلا طلاق. ويجاوزون في هذا الباب كل حدود الشرع، وما زال من بقاياهم من يتزوج في غرة كل شهر، ويطلق في انسلاخه، فلما جرف الإصلاح هذه الضلالة بقي في نفوسكم حنين إليها وتحرّق عليها، وتمنٍّ لعودتها، فأنتم بممالأتكم للاستعمار وإعانته على تجهيل البنت المسلمة- إنما تحلبون حلبًا لكم شطره وتعملون عملًا- لشهواتكم الخسيسة إحدى نتيجتيه؛ ولكم الويل فقد أخطأت أستاهكم الحفرة، وإذا نزلت الأمة بأولئك الأقوام من درجة التأليه إلى درجة البشرية، فكيف لا تنزل بكم من البشرية إلى جهنم؟ ...

<<  <  ج: ص:  >  >>