للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لهؤلاء الرهط- أنصار الأعراض- يسكتون عن أعراض عشرات الآلاف من المسلمات المستخدمات عند الأجانب؟! ما لهم لم تتحرّك غيرتهم على عشرات الآلاف من اللواتي يملأن المواخير؟! ما لهم عميت أبصارهم وبصائرهم عن هذا السيل من التعليم الاستعماري الجارف المتوجّه إلى البنت المسلمة على الخصوص، لينتزعها من الخدر، وينزع عنها لباس الفضائل الإسلامية؟

أين كانوا- لا كانوا- من أفواج البنات المسلمات، طرائد البؤس، وفرائس التبشير المسيحي، وهنّ تحت أسماعهم وأبصارهم؟!

كأن هؤلاء المسلمات كلهن في كنف الصيانة، وكأن أعراضهن في حماية عمر بن الخطاب من أمثال نصر بن حجاج، فلم يبقَ معرضًا للانتهاك إلا بضعة آلاف ممن يتعلمن في مدارس جمعية العلماء.

كذبتم وفجرتم- أيها الرهط-. إن جمعية العلماء حاربت الرذيلة جهارًا، وحاربت دعاة التحلل الأخلاقي كفاحًا، ووقفت من التبشير وغيره مواقف مشهودة، وإنها تعلّم البنت المسلمة العلم والعفاف، وتربّيها على الكرامة والشرف، علمًا بأن العلم الديني هو رائد العفاف، وأن الجهل هو سبب انحدارها إلى ما ترونه وتتعامون عنه، وإن جمعية العلماء- لما بلته من أمثالكم من فساد الأخلاق- تبالغ في الاحتياط، وتسرف في التشدّد، وتعاقب على الظنة والتوهّم، قمعًا لغرائز الشر، وسدًّا لذرائع الفجور، وإن في بعض من تشيرون إليه منتصرين ممن فصلتهم عن التعليم، من كان سبب فصله هذا الاحتياط.

نحن نعلم أن الدوافع الخارجية والداخلية هي التي دفعتكم إلى هذا التقوّل وإشاعة هذه الافتراءات، وكنا نعرض عنكم لو كنتم مميزين، أو كنتم تؤثرون الستر على أنفسكم، فلا تجمعون بين الكذب وبين الافتضاح به؛ ولكنكم مدفوعون مأجورون، والمأجور لا يقف عند حد، والمدفوع لا يملك التماسك؛ فوجب أن نفضحكم، وأن نبلغكم من الفضيحة ما أردتم، ومن رضي لنفسه ما رضيتم لأنفسكم من لؤم التوقح، فليصبر على ألم الكي، وان أحرق وأنضج.

الحقيقة- أيها الرهط- أن الاستعمار متشائم بحركات جمعية العلماء كلها، لأنها إيقاظ لشواعر الأمة، وإحياء للفضائل الإسلامية في أنفسها؛ ومتشائم- على الخصوص- بتعليمها للبنت المسلمة، لأن نتيجته تكوين بنت صالحة، تصبح غدًا زوجة صالحة، وبعد غد أمًّا صالحة؛ وهاله أن تعمر البيوت- ولو بعد حين- بالصالحات، فيلدن جيلًا صالحًا صحيح العقائد، متين الإيمان، قويم الأخلاق، طموحًا إلى الحياة، فتطول به غصّته، ثم تنتهي به قصته ...

<<  <  ج: ص:  >  >>