للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعيد أن تضلّنا هذه الأسماء التي تُنعَل بها المقالات عن المجرم الحقيقي، المركّب من رجلين: صاحب مدرسة بسكرة، وصاحب جريدة "أفريقيا الشمالية" وما أفريقيا الشمالية إلا هذا المضطرب الضيّق الذي تضطرب فيه هذه الصحيفة وصاحبها، من قرية هنا إلى خيمة هناك، ومن فرد في تونس إلى أفراد في الجزائر، وما مبدأُها الذي تسير عليه إلا الترويج للمتاع المرذول، والانتصار للفريق المخذول، والنطح للصخور، وإن أوهت القرن، والحرق للبخور، ولو في لهيب (الفرن)، ثم الاستنجاد بالفلول، والانتساب بين عامر وسلول.

وما هذه الأسماء التي تُنسب إليها المقالات؟ إن بعضها خيالي، استعير للتستّر، وبعضها من جِراء السوء الذين ربّتهم جمعية العلماء وعلّمتهم وأنفقت عليهم، ولولاها لما كانوا، ولا عرفوا القلم والكتابة، ولكنهم كفروا نعمتها، وعقوا أبوّتها، لفساد في الفطرة لا تقوى التربية على إصلاحه، وهي تحمد الله على أنه ليس كل أبنائها (أبا قصّة).

...

تثير هذه الصحيفة الغبار حول تعليم جمعية العلماء للبنت المسلمة في مدارسها، وترميها - إفكًا وزورًا- بالعظائم، وتختلق من الوقائع ما يهدي البُلْه فضلًا عن العقلاء إلى قصدها من ذلك ومرماها، وتتصنعّ الغيرة على أعراض المسلمات أن تنتهك، وعن الحرمات الإسلامية أن تُهان، وتستعدي السماء والأرض على جمعية العلماء لأنها عرّضت الأعراض المصونة للتمزيق، وتتباكى على الإسلام حتى يوشك أن ينقلب مدادها دموعًا.

وكل ذلك كذب، وكل ذلك بهتان يأتفكه الشريكان، اتّباعًا للوحي الأعلى، واستدرارًا لأجور مطففة، يتقاضيانها من مصدر ذلك الوحي.

وهل كفرت الجرائد العربية كلها بالإسلام وتنكّرت له، فلم يبق إلا هذه الجريدة مؤمنة به منتصرة له؟ وهل جفّت كلها من الغيرة عليه، فلم تبقَ إلا هذه الجريدة تغار عليه، وهل تواطأت الجرائد العربية كلها على الرضا بهذا المنكر فخرقت جريدة (أفريقيا الشمالية) اجماعهنّ، وكانت أمة وحدها في تغيير المنكر.

لا شيء من ذلك، وإنما هي خطة مرسومة، وأعمال مقسومة، وأوامر تقابل من أفراد المأمورين بالطاعة، وتوجيهات إلى الشر افتقرت إلى لسان حال، فكانت هذه الجريدة هي لسانه "الرسمي" فلم يبقَ من صفات التعريف بها إلا أن يكتب على وجهها: "صحيفة أسبوعية لنشر الأكاديب والدفاع عن الرذيلة، وتشجيع الدجّالين ومحاربة الصدق والصادقين"، ولعنة الله على الكاذبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>