خاصّة بالصحف التي ترد علينا، وليست خاصّة ببريد العاصمة، بل هي عامة في كل علاقاتنا بالبريد، وفي كل مركز من العمالات الثلاث لنا فيه علاقة بالبريد.
فقرّاء «البصائر» في الشرقين: العربي والإسلامي، وأصحاب الجرائد التي تبادلها بالبصائر، كلهم يشكون عدم انتظام وصولها إليهم، وأنه لا يصلهم من العشرة إلا عددان أو ثلاثة أو خمسة، وقليل منهم من تصله العشرة كاملة. ومن العجيب أن الأعداد التي لا تصل إلى واحد منهم، هي- بعينها- التي لا تصل إلى معظمهم، ونستبعد جدًّا أن يكون التعطيل صادرًا من إدارات بريدهم، إذ لا داعي إلى ذلك، وقد بحث أولئك القرّاء وأصحاب الجرائد، وراجعوا المسؤولين عن البريد في أوطانهم، فتحقّقوا أن التعطيل ليس داخليًّا، وقد انتقدت «البصائر» بعض ملوك العرب وأمرائهم انتقادًا مرًّا، فلم يجرؤ واحد منهم على منع دخولها ورواجها في مملكته، لا لشيء إلا التأثّر بالحرية، والاحترام لـ «البصائر»، والاعتراف بمكانتها، هذا وهم ليسوا "جمهوربين".
وهنا في الجزائر نذكر للسيد الكاتب العام مثالين اثنين مما يجري في بلدة واحدة جزائرية، وهي بلدة "تبسة". ولا نذكر له منع «البصائر» من دخول المغرب الأقصى، فذلك إجراء عسكري ليس من اختصاصه، وإن كنا نعتقد أنه إجراء لم يقع في زمانه ولا في مكانه، وهو- مع ذلك- لا يُسكتنا عن كلمة الحق.
ففي هذه الأيام تُشترى الجرائد اليومية المصرية الرائجة في باريس برسم الشيخ العربي التبسي وبماله، وترسل إليه باسمه وعنوانه في تبسة، ومن باريس لا من مصر، ولكنها لا تصل إليه، ويراسل المكلفين بشرائها وإرسالها، فيجيبون- وهم ثقاة- بأنهم أرسلوا المجاميع في حينها، وليست المسافة بالبعيدة، ولا بريد فرنسا بمختلّ النظام، إلا أن يكون في البريد شيطان مريد ...
ومنذ سنتين كنا نلقى العناء حين نريد الاتصال بالشيخ العربي التبسي. أو يريد هو الاتصال بنا بواسطة رقمه التلفوني، فلا نسمع في أغلب الأوقات إلا أن الجهاز فاسد، أو أن صاحبه لم يجب، ونحن نعلم- يقينًا- خلاف ذلك، وقد نكون معه على اتفاق تجريبي، فيكون حاضرًا ويكون الجهاز صحيحًا، ولكننا لا نسمع في الأغلب إلا نفس الجواب، ولا يسمع هو إذا طلب إلا كلمة "لم يجب"، وكتبنا كلمة في «البصائر» بعنوان "الرقم السجين"(٢) فلم تفد، حتى اضطرّ الشيخ التبسي في الأخير إلى قطع جهازه التلفوني، وهو في حاجة أكيدة إليه فرارًا من المغرم، بدون مغنم.
...
٢) نُشرت في الجزء الثاني من "آثار الإمام"، [ص:٣٠٣].