للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالم- يا جناب الكاتب العام- سائر إلى الاتصال، تحثه الحياة، وتدفعه المصلحة، شئنا أو أبينا، ويوشك أن تصبح الكرة الأرضية دارًا واحدة فلا تكونوا عرضة لسيره، وقد اجتمع الخير والشر على وصل أجزائه، واجتمع الولاء والجفاء، والسلم والحرب على التقريب بينهما، فزويت أطرافه المتباعدة بالراديو والسينما والطيّارة والمدرسة والكتاب والجريدة والطب وجمعية الأمم ... والجوسسة ... والميكروب ...

وإن الزمان قاهر غلّاب بأطواره وظروفه، وأحكامه وصروفه، وقد حكم على الأحياء أن يتّصلوا على الطوع والكره، وأن يسيروا في ركابه على السخط والرضى، وأن يتلاقوا على أحداثه في الحياة والموت، وها هي ذي دماء الأضداد تُسيلها الحرب في الشرق الأقصى، وها ذا عرق الجهد يصبه السلم في أمريكا، وما عن رضى سالت تلك الدماء في صعيد واحد، ولا باختيار تصبّب ذلك العرق في ميزاب واحد، ولكنه حُكم الزمان ... فسايروا العالم، وجاروا الزمان، وافتحوا أبواب الاتصال، تسدّوا باب النقد، وتدفعوا ظنون السوء، وتربحوا أكثر مما تخسرون، ومن العجيب أنكم تعرفون كل هذا، ولا تعملون بشيء منه.

...

إن بين النصح والنقد فارقًا من هوى النفس، وإن بين العدل والجور فاصلًا من الأنانية، وإن لكلمة الحق ثقلًا يخفّفه الإنصاف، ومرارة تحلّيها سعة الصدر، وإن لكلامنا عندكم شرحين، شرحًا يُمْليه الحق وشرحًا يُمْليه الباطل، فكونوا ما شئتم! ...

<<  <  ج: ص:  >  >>