للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التهنئة بالعيد تهنئة العربية "بالبصائر"، وتهنئة «البصائر» بجهادها وبالمكانة التي تبوّأتها في القلوب، ووددت- والله- لو تجرّدت رسائلهم من إطراء هذا العاجز، وتنزيله منزلة هو أعلم الناس بأنه لا يستحقها، وإذن لنشرت منها ما ينبّه القرّاء إلى ما تفعله الأخوّة الإسلامية التي ننشدها، ونعمل على تثبيت قواعدها، وإلى المدى الذي بلغته «البصائر» في ربط القلوب، وتوحيد الاتّجاه، وتضييق دائرة الخلف في الدين والدنيا، وتوسيع ميدان التعارف، ثم في نقل الجزائر من (باب النكرة) إلى (باب المعرفة) ...

...

إن أنسَ شيئًا من تلك المعاني العلوية فلن أنسى تلك الرسالة التي كتبها الأستاذ محمد هارون المجدّدي، سكرتير السفارة الأفغانية بالقاهرة، نيابة عن والده المسلم الصادق السفير محمد صادق المجدّدي، ولن أنسى، ما حييت ما لمس إحساسي الديني من تلك الرسالة، وهو اعتذاره عن والده بعذر غريب عند المفتونين منا من ربائب الحضارة الغربية، وهو: "أنه ذهب إلى المسجد الأقصى ليُقيم سنة "الاعتكاف " في العَشر الأواخر من رمضان، كدأبه في كل عام" ...

سفير دولة إسلامية يفارق مركزه الرسمي، ويترك أشغاله الرسمية، ويخالف سنّة زملائه، ويشدّ الرحال إلى ثالث المساجد الثلاثة، ليقيم فيه سنّة إسلامية، هي أفضل السنن في تزكية النفس، وتطهيرها من المكدّرات، وفي تصفية الأرواح، وتلطيف كثافتها، شرعت في شهر رمضان لتكون نفس المؤمن بمقربة من الله في الدائبين، على حين يختار بعض ملوك المسلمين، وكثيرٌ من كبرائهم هذا الشهر للسفر إلى أوربا لينتهكوا حرماته، ويتقرّبوا بنفوسهم الخاطئة إلى آثامها وشهواتها، وعلى حين يقيم غيره من سفراء الدول الإسلامية حفلات (الكوكتيل) بأموال المسلمين، يبيعون فيها دينهم وفضائلهم الشرقية بالثمن البخس، ويتقرّبون بها إلى أسيادهم الأوربيين الذين ما سادوهم باطّراح الدين، وإنما سادوهم بالخلق المتين، والمحافظة على الخصائص الموروثة، والأخذ من كل شيء بلبابه لا بقشوره.

لعمر الحق ... إن اعتكاف سفير مسلم للعبادة في أحد المساجد الثلاثة، لحجة من حجج الله، على الملوك والوزراء والكبراء الذين فرّطوا في دينهم فخسروه وما ربحوا الدنيا، ثم كانوا وبالًا على أممهم، وسبة لدينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>