للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تُدِن ما لم تُدَن ... لا تعتصر في غير دن

تبغي الهُدى على الهدن (٦) ... تخشى الردى فلتخلدن

...

يا بلاد الأذواء (٧)، لا أقول: وُقيت الأسواء، ولا أقول: سُقيت الأنواء، ولكن أقول: ثكلت الأبناء، يا مطارح الأبناء (٨)، فكل أدوائك من أبنائك، وإذا كان الولد سخنة عين ومجلبة عرّ وشين، فالثكل فيه نعمة لا رزية، والعقم به فضل ومزية.

سموك السعيدة فشقيت بمن ولدت، وما سعدوا ولا سعدت؛ فأين أنت اليوم ممن كنت سعيدة بهم وكانوا سعداء بك؟ أين أنت من سعد العشيرة وحماة الأهل والجيرة؟ أين أنت من حمير وأشياعهم وتبع وأتباعهم؟ أين؟ لا أين ...

أما ظفار، فقد حالف عهدها الإخفار، وخالف ظلامها الإسفار. وأما حضرموت، فقد ساورها الموت، وجاورها الخسران والفوت، وحاورها النجيُّ فما سمع لها صوت، وأما صنعا، فما أحسن بنوها صنعًا، قد أصبحت خرقاء، وعطلت من طوق الورقاء، وعقمت أن تتمخض عن ألمعيّة (زرقاء)، ما حاكت في عبقريّ الأزمنة ولا وشتْ، وطار الناس فما حبتْ ولا مشت.

انعكست الخصائص وغلبت النقائص، وأعوز الجوَّ الطائر حين أعوز البحر الغائص.

...

أيها العامد إلى غامد (٩)، والدافع إلى يافع (١٠)، هلّا وقفت بالأطلال، من عبد كلال (١١)، وهبطت التلاع، من ذي كلاع (١٢)، فهتفت بالرفات، من الأموات، علَّهم يسمعون فيهطعون، قل- وخلاك ذمّ- قد دُخلت الدار من جميع الأقطار، فهل من


٦) الهدن جمع هدنة، وحياة الهدنة مضلة.
٧) الأذواء: أمراء اليمن في القديم، جمع ذو.
٨) الأبناء: طائفة من الفرس استوطنوا اليمن.
٩) غامد: قبيلة يمنية.
١٠) يافع: كذلك، ثم أطلق على موطن باليمن.
١١) عبد كلال: أبو قبيلة يمنية.
١٢) ذو كلاع: من أذواء اليمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>