للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقاول الصيد، حارس بالوصيد، إن الصائد قد صيد، وإن الشاعر قد أخلى (١٣)، فلا بديع في البيت ولا بيت في القصيد.

كذب الرعد، وأخلف الوعد، وأورد الإبلَ سعد، فضاع (قبل) ولم يُحفظ (بعد). فكأنّ امرؤ القيس أورى زنده، واستعرض مستقبل بني أبيه من كندة، فقال: ودع عنك نهبًا صيحَ في حجراته؛ وها هي ذي مواطن قومه نهب مقسَّم، وقد كذبت المخايل من توسّم.

سل سبأ، هل جاءها النبأ، وقل صدق المثل (١٤) فيك مرتين، وأعاد التاريخ نفسه كرتين، لقد سار أعقابكم في الزمن الحثيث سيرة وانية، فبادوا في الجيل الحديث بيدَةً ثانية.

نادِ- مسمِعًا- في الجمع الراشد، من بكيل وحاشد (١٥)، فإن أصاخوا إصاخة الناشد، فقل: دهمكم السيل فلكم الويل، هذه آثار أسلافكم مجفوّة وهذه قدورهم الراسيات مكفوّة، وهذه الرقاع من البقاع غير مُلْتامة ولا مرفُوَّة، طمست السوافي، ما خلَّدت القوافي، وهفت الهوافي بالقوادم والخوافي، وفرست العوافى (١٦) ما نامت عنه العيون الغوافي (١٧)، ماتت الأذواء وعاشت الأذواد، وذهبت الأقيال (١٨) وبقيت الأقياد.

إن الزمان الذي جرَّ إلى جُرْهُم، وخثا على خثعم، قبل أن يأتيهم بنذير، أو يبلوهم بتحذير، قد جاءهم من الغرّة بعذير: أما اليمانون فلهم من الإسلام محجّة، وعليهم من زمانهم ألف حجّة، فهم كثمود، حين لاح لهم من البرهان عمود، فضلّوا؛ أو كقوم هود، حين أخذت عليهم العهود، فزلّوا.

كاهن الحي


١٣) أخلى الشاعر إذا كان شعره ليس فيه معنى جيد.
١٤) المثل هو: تفرّقوا أيدي سبا.
١٥) بكيل وحاشد: قبيلنان باليمن ما زال اسمهما محفوظًا.
١٦) عوافي الطير والسباع هي المفترسات منها.
١٧) الغوافي: النائمة.
١٨) الأقيال: الملوك في عرف اليمن القديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>