للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبين، وأن لا يكون لبقية الأقطار الإسلامية منها حظ؛ وكم كنت أتمنّى لو يقوم برحلة في أطراف العالم الإسلامي داعيًا إلى الله، وإلى الاجتماع على كتاب الله، وكنت نازعته الحديث في هذا مرّات، وقلت له: إن من النقص أن تقضي طول عمرك مدرّسًا لهذه الكتب وهذه القواعد، في طائفة من الطلّاب؛ فإن زدت فمحاضرًا في الجموع، وأن يبقى هذا العلم محصورًا في الجزائر، وكان من حبه- رحمه الله- لتلامذته وشغفه بتربيتهم أنه يتولّى بنفسه دراسة الكتب العالية طوال السنة، إلا في الجولات المحدودة للوعظ والإرشاد، أو لاجتماعات الجمعيات، فكان يحيل الأمر إليّ تنضلًا. ويقول لي: أنت أعرف بالشرق، وألين عريكة مني (وهذه عبارته بحروفها). وكنا نتفق على الأصل ونسوّف ونسوّف إلى أن فرّق الموت بيننا.

هذه بعض أعمال الرجل العظيم الذي مات فورثت أسرته جثمانه فأقامت له مشهدًا، وورثنا نحن أعماله فأقمنا له معهدًا، وعسى الله أن يوفق أسرته إلى وقف مكتبته على معهده ليعمّ النفع بها كما عمّ النفع بعلمه، وليحيا ذكره بهما معًا، وليس بالكثير في حقّ من وقف حياته الغالية على الأمّة، أن توقف مكتبته الرخيصة على الأمّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>