للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحك- يا شيخ- وويح أسيادك. أكلّ هذا الجهد الذي تبذلونه في حرب جمعية العلماء، معدود عندكم من خدمة الوطن؟ أكل هذا الاسم الواسع الذي انتحلتموه لجريدتكم لم يتّسع إلا للتحرّش بجمعية العلماء والتعريض بها وبرجالها؟

إن "المغرب العربي" محتاج إلى غير هذا، وإن كلَّ جزء من أجزائه في حاجة شديدة إلى جمعية كجمعية العلماء ورجال كرجالها، فإذا طوّعت لكم أنفسكم أن تكونوا سبةً على هذا الجزء من المغرب، فلا تكونوا سبةً على بقية الأجزاء، ونزِّلوا أنفسكم منزلة ذلك الذي كان يحلف بالقرآن وهو لا يحفظ إلا ربعه، فقال له قائل: "احلف بربعك" ... أم تظنون أن سكّان المغربين، الأقصى والأدنى، يصدقونكم إذا قلتم: إن جمعية العلماء تخدم الاستعمار؟ أتظنونهم يتركون يقينهم لافترائكم؟ وهم يكادون يطيرون إعجابًا بأعمالها وحملاتها الصادقة على الاستعمار.

ويحك وويح أسيادك ... فارقتم الحياء فراق الأبد، فتحالفتم مع الاستعمار على حرب جمعية العلماء، وركبتم كل عظيمة من المباهتة وقلب الحقائق وإلصاق كل نقيصة فيكم بنا، فهل أمنتم منا أن نجاريكم فنخلع الحياء شهرًا من السنة أو يومًا من الشهر أو ساعة من اليوم فنرميكم بأحجاركم؟

لقد كنتم تسبوننا بألسنتكم في المقاهي ومجالس السوء، وتلقّنون صبيانكم سبّنا، حتى أصبحت أفواههم مستنقعات ... فلم يُقنعكم ذلك لأنه سبٌّ بالمجان، فارتقيتم إلى سبّنا بالكتابة لتّتخذوا منها سلعةً للبيع، ووسيلة لجمع المال. وتضيفوا إلى الهلال الأحمر هلالًا أسود ... ومن الغريب المضحك أنكم تعتمدون في بيع السب على السب، فقد شهد العقلاء أن تسعة أعشار جريدتكم لا تُباع إلا بالسب والتخويف والتهديد وما يُشبه الإكراه، وأن العشر العاشر فقط يباع بالتغليط والتضليل (وعلى النيف) (١). إن هذه لحقيقة لا تستطيعون إنكارها وتكذيبها إلا بالعمل. ولو فعلتم وتركتم بيعها للرغبة والاختيار- كما تباع الجرائد- لأفلست في أسبوع، فجرّبوا إن كنتم منصفين.

أيها القوم: إن الوطن الذي تتوقّف خدمته على بيع السب والكذب لوطن مخذول سلفًا؛ وإن الحزب الذي يريد أن يكملَ بتنقيص غيره لحزب ناقص أبدًا، وإن السياسة التي تغذّى بمثل هذه المطاعم لسياسة ميتة ... بالجوع.

...


١) وعلى النِّيفْ: النِّيف هو الأنف، أي حَمِيَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>