للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن في هذا الشمال بأقطاره الثلاثة كنوزًا من تراث العربية والإسلام، طمرها الاستعمار برذائله عمدًا، وطمس محاسنها بحضارته قصدًا، فأعينونا بقوة نستخرج هذه الكنوز بإحياء الأخلاق والآداب والتاريخ، لا لخيرنا بل لخير الإنسانية.

أيْ أبناء العمومة: إن بيننا وبينكم صلاتٍ من اللغة والدين، وأرحامًا مرعيّة من الجنس والخصائص، فقوّوا هذه الصلات، وصلوا هذه الأرحام، يكنْ بعضنا لبعض قوة.

إنكم لنا أئمة في الخير، وإنّا بكم مؤتمّون في الحق، فحققوا شروط الإمامة، وطالبونا بتحقيق شروط الاقتداء، وئنُقِمِ الصفوف، في معترك الحتوف ... وإلّا هلك الإمام والمأموم.

أما والله لن نُفلِت من مخالب الاستعمار فرادى، ولن نُفلت منه إلّا يوم نصبح أمّة واحدة تلقى عدوّها برأي واحد، وقائد واحد، وقلب واحد، فإن لم نفعل فلا نَلُمِ الاستعمار، وئنَلُم أنفسنا.

أيْ أبناء العمومة: ليتني كنت معكم، فأحييكم من قريب، تحية الأخوين، فرَّقتْ بينهما الأقدار، ثم جمعتهما الدار، وأسمعكم من الجزائر الحزينة نجواها، وأبثّكم شكواها، بلسانها الحر الأصيل المعرب، وبيانها العذب الشجيّ المطرب، ولكن الأقدار الغالبة عاقت عن الاتصال بكم، والجدّ العاثر حرمني من التشرّف بلقائكم في هذا اليوم الأغرّ، فها هي ذي تحيات العروبة الكامنة في الجزائر كُمونَ النار في الحجر- توافيكم من وراء البحر، وتتنفّس في ناديكم بمسك دارين وعنبر الشحر، فحيّاكم الله وأحياكم، وأبقاكم للعروبة تصلون أسبابها، وتعيدون عليها نضرتها وشبابها، وللإسلام ترفعون أعلامه وتدفعون ظلّامه، وللشرق تؤدّون فرضَه، وتردون قرضه، وتصونون عرضه، وتطهرون سماءه وتحفظون أرضه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم

محمد البشير الإبراهيمي

<<  <  ج: ص:  >  >>