للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الحاكي أبا شبرمه ... إذ رماه الدهر بالضر ورامه

ليتني جئت كيحيى عايدًا ... ناذرًا عتق غلام وغلامه

والحكاية متكررة في كتب المحاضرات، فلقيته بعد زوال الوعكة وسألته عن غفلة: هل استوعبتَ قراءة عيون الأخبار؟ فأجاب نعم، والعقد الفريد؟ وكذا وكذا الكتب سماهنّ من كتب الأغذية العقلية، وهو صادق، فإنّ آثار القراءة العميقة بادية على شعره كما تبدو آثار الأغذية الصالحة على الجسم فراهةً وقوة وحيوية.

أبناءنا الأدباء فقراء في هذه الناحية التي لا يكون الأديب أديبًا إلّا إذا ألمّ بها إلمام المتدبّر، لا المتحيّر المتغيّر، فهم لا يقرأون وإذا قرأوا فقمش من ههنا وههنا.

وكلّ ما يستعمله الشعراء والكتّاب اليوم كلمات متداولة محدودة، لا تجاوز مجموعها خمسة عشر ألف كلمة، وهي بضاعة السودق، فإذا كانت كافيةً للاستهلاك اليومي الضروري، على لغة الاقتصاديين، فإنها لا تكفي للمطالب الكمالية والتحسينية في الأدب، والمواضيع تتجدّد، والمعاني تتوارد وتتشابه ثم تتمازج ثم تتمايز، فمن الواجب أن ننحت من هذا المعدن القديم كل يوم جوهرة ونصقلها.

لا أرى حالة من الركود، ولو كانت ركودًا لقلنا عسى أن تهبّ الريح، ولكنها قناعة بالموجود، وهذا هو الخطر.

ومن قرأ كتب الدنيا ولم يظهر لها في شعره ولا في كتابته أثر، فكأنه لم يقرأ شيئًا.

... ...

<<  <  ج: ص:  >  >>