للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإني فرح بهذه الجمعية التي هي قطعة من قلبي وهي امتداد للحركة التي دعوت إليها، وكلما سمعت أنها ملكت شيئًا من أرض أو امتدّت شبرًا فإني أشعر بالسرور والغبطة، بل إذا بلغني أن الشيخ أمجد الزهاوي يشعر بقوّة في جسمه وفكره ازددتُ فرحًا، وقد أراد الله أن يكون هو سبب وجودي بينكم الآن. وقد التقيت مع الأستاذ الصواف في القاهرة فجرّني أو جررته أو تجاررنا. فأشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة وأسأله لهذه الجمعية التي تمثّل الإسلام بكامله أو أنها تمثّل السياسة الإسلامية وهي إصلاح بين المرء وربّه، وهيهات أن يصلح المرء ما لم يصلح المعاملة مع الله وما لم يعمل لله وحده.

وما أخّر المسلمين إلا هذا الشرك الذي أبعد المسلمين عن عبادة الله. لأن الإنسان إذا تلفّت إلى جهات متعددة فإنه يصبح بلا إرادة، وما الإنسان إلّا إرادة وعزيمة فإذا صلحت إرادته صلحت عزيمته، وإذا أراد الإنسان شيئًا وسعى لتحقيقه فإن إرادته تؤدي به إلى نيل مبتغاه، ومن أصبح بلا إرادة أصبح مسيّرًا مثل ما هو حالنا اليوم.

فانظروا ذات اليمين وذات الشمال تجدوا المسلمين مسيرين متأخرين في كل شيء، فإن أرادوا أن يكونوا كغيرهم من الأمم فعليهم بأن يقتدوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكم أن تطلقوا على هذه الدعوة ما تشاؤون من تعابير: فسموها بحركة أخوة أو حركة إحياء، لا إحياء الإسلام لأن الإسلام حي بل إحياء الإسلام في نفوسنا، وإن الإسلام لا يقوم بالكم بل بالكيف، وتدبروا آيات سورة الأنفال حول المؤمنين الصابرين الذين رغم قلة عددهم يغلبوا أضعاف ذلك العدد من الكافرين وينتصروا عليهم. ولم يرد الله سبحانه وتعالى إرهاقنا بل أراد أن يثبتنا على القوة الحقّة التي هي قوة النفوس التي تستكن في الإرادات.

أيها الأبناء:

إن أمتكم تعول عليكم شرط أن تعدّوا أنفسكم إعدادًا روحيًا لا بدنيًا، فإذا أشرقت أنوار الإسلام وغمرت هدايته كل المجتمع البشري، فإن هذا المجتمع سينعم بالخير العميم، وتتحقّق له السعادة في الدنيا والآخرة، والإعداد الروحي يجعل المسلم موقنًا بأنه إذا مات في سبيل الله ينتقل من حياة بعضها شقاء إلى حياة كلها سعادة، فكونوا مسلمين كاملين، أي كونوا عاملين في سبيل الله، وإياكم أن تكونوا أنصاف أو أرباع مسلمين وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا واقتدوا بالقدوة الصالحة، وإن الواحد منّا يستطيع أن يقود الملايين بشرط أن تكون النفوس مستعدة. وإن هذا الشباب إذا تدرّب على الإقدام وقوّة العزيمة وعدم الخوف إلا من الله فإنه يأتي بالأعاجيب.

وإن الله يأتي بعبارات الحصر والخوف {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}، وإن المسلمين لم يؤخذوا إلا من الابتعاد عن خشية الله ... فإذا كان المسلم لا يرهب إلّا الله فإنه لا يعبد وثنًا ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>