للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهاب ظالمًا مهما بلغ طغيانه. ويوم كان المسلمون كذلك سادوا الدنيا وملكوها بالعدل، ولما انتقلوا إلى اعتقادهم بالمخلوق واعتمادهم على المخلوق استعبدوا.

فحسبكم أن في الأرض خمسمائة مليون مسلم كلهم مستعبدون، وحياة المسلمين لا تحتاج إلى ترجمة لأنهم كلهم خاضعون لهذا الاستعباد.

فلو أقمنا لجنة لامتحان المسلمين لسقط ٩٩% منهم، لأننا مسلمون باللفظ وإلّا فكيف نُغلب بالكَفَرة، أيكذب القرآن؟ حاشا لله: بل نحن كاذبون، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِئعَبِيدِ}، {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}، وقد كرّر الله سبحانه هذا المعنى بأساليب مختلفة، فنحن إذن بين أمرين: فإما أننا كاذبون في إسلامنا، أو أن الله قد جار علينا، والله نزيه عن الجور. إذن فنحن كاذبون في إسلامنا ظالمون لأنفسنا فعلينا أن نتوب والتوبة تكون بالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى واتّباع أوامره ونواهيه، والإقلاع عن الخضوع لغيره، وبمواجهة الحياة والاستهانة بها.

أتدرون لماذا ملكنا الغربيون؟ لقد ملكونا لأننا انغمسنا في الكماليات السخيفة التي غمرونا بها والتي تملأ الشوارع والمحلات ليضعفوا بها اقتصادنا ويمتصّوا ثرواتنا، وانظروا إلى حكوماتنا التي لا تهتم إلّا بالشيء التافه والوضيع من الصناعات الوطنية.

إن العلماء يقسمون الحاجيات إلى: أولًا ضروري، ثانيًا حاجي، ثالثًا كمالي، رابعًا تحسيني. فالضروري هو الذي يستر الجسم ويصونه، أما نحن فننتقل من لبس الكتّان إلى القطن إلى الصوف ثم إلى المحرمات كالحرير، ومن استعمال الساعة النحاسية إلى الفضية إلى الذهبية، وهذه أموالنا تخرج من جيوبنا إلى خزائن الدول الغربية لتعود لنا بحبال نشنق بها وأسلحة نقتل بها، وأصبح كثير مما نستورده من الكماليات كالضروريات لا نطيق العيش بدونه، فصرنا نأكل الحلوى ونحن في البلوى.

أيها الأبناء:

بدأت بالشكر على هذه النعمة- نعمة الاجتماع- وعرضت لكم أشياء مؤلمة عن واقعنا كمسلمين، وأرجع بكم إلى حياة الاستئثار فأدعوكم إلى العمل والنظر إلى الحياة نظر تفاؤل، واعلموا أن الفجر قريب، وأن شمس الإسلام لا تغيب والله أكبر ولله الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>