للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقارب بريد الاتحاد، والتزاور دليله، والتحاور بشيره، والتشاور مفتاح بابه، وكل هذا يقع في هذه الأيام بين رؤساء العرب وأولي الرأي فيهم ويتكرر وتصحبه مبشرات مؤذنة بقرب تبلّج فجر من الاتحاد تعقبه الوحدة الشاملة التي ترهب أعداء العرب ويقول معها صهيون عن جزيرة العرب: إن فيها قومًا جبّارين.

...

كانت زيارة الأمير عبد الله الجابر الصباح رئيس معارف الكويت لمصر حدثًا له آثاره الجلية في تقارب العرب، لأن لبلاده مكانة في تاريخ الجزيرة العربية الحديث، ولبيته مكانة في البيوتات العربية البارزة، ولشخصه منزلة مستمدّة من فطرة العربي وهمّته وشهامته ونبله وبساطته وسماحة نفسه، ومن أدب المسلم وتواضعه وصدقه في القول والفعل والحال، وكان لاحتفاء مصر بزيارته وافتنانها في تكريمه مزاج لطيف من الرسمية والشعبية جمع لأول مرة بين روح الشعب وروح الحكومة، ودلّ لأول مرة على أن حكومة مصر من شعب مصر، وقد كانت أمثال هذه الاحتفالات تقوم على المجاملة والنفاق، لا على الإخلاص والمحبة، وعلى الرهبة والملق، لا على الرغبة والصدق. وأن هذا المزاج اللطيف الذي ظهر على حفاوة مصر برجل عربي له منزلته، لوسط بين الرسمية المتكلفة والشعبية المتخلفة، وهو- في حقيقته- وصل لأرحام كانت مجفوة والرحم إذا تنبهت أسبابها تأتي بكل عجيب وتجرف كل ما كان يحجبها من حجب وما كان يغطّي عليها من عقوق وقطيعة.

...

نحن لا نرى في ملوك العرب وأمراء العرب وقادة الرأي في العرب- وإن تعددوا واختلفت مشاربهم وأهواؤهم- إلا أنهم مستحفظون على مجد العرب، وأن عليهم عهدًا أن يعيدوه، ووسائل هذه الإعادة ممكنة لهم، ميسورة عليهم، لا تكلفهم عناء إلا اطّراح الأنانية، وإننا لا نحاسبهم على أسباب الإضاعة، لأنها قديمة، وليسوا مسؤولين عنها، وإنما نطالبهم بإعادة ما ضاع من ذلك المجد. وليس تعددهم بمنافٍ لذلك ولا مانع منه إذا اتحدت الوجهة واتّحد العمل واشتركت الأيدي في البناء على منهاج صحيح. فليتعددوا بالشخص، وليتّحدوا بالمعنى يفوا بحق الله وحق العروبة ويعيدوا المجد الضائع والحق المنهوب.

...

ويقولون: إن المال هو الذي وجّه الأفئدة إلى الكويت، وإن الغنى هو الذي صرف الوجوه والآمال إلى البيت الصباحي، وكأنهم يقولون ان احتفاء مصر بالأمير الكويتي هو أثر

<<  <  ج: ص:  >  >>