للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثمرات لجهودها الخالصة المخلصة وئيَهْنَأ التلاميذ بهذا القرار المكين الذي أعدته لهم الأمة، وليجعلوا حمد الله على هذه النعمة اجتهادًا في العلم وإخلاصًا لله فيه واعترافًا للجمعية بالجميل وموثقًا يعطونه على أنفسهم للأمة، ليخلصن في خدمتها ونفعها ولينصرن دينها وليقيمن عقائده وعباداته وأحكامه وفضائله ولغته وليصدقن الله ما عاهدوه عليه في ذلك كله.

أيها الإخوان:

يعزّ علي أن أكون غائبًا عنكم بشخصي ويسلّيني أن أشارككم بصوتي فاعجبوا للغائب الحاضر واعجبوا للعلم الذي قرب البعيد، وأتى بالعجيب، ونقل الصوت إليكم في سلك. أما روحي فهي حاضرة معكم في كل حين، وأما سمعي فهو مرهف دائمًا لتلقّف أخباركم حتى كأني معكم أرى وأسمع وما أنا بالنامي ولا أنا بالجاحد.

وحيا الله إخواني أعضاء جمعية العلماء وقد وفوا بالعهد وأدّوا الأمانة وأحسنوا المناب، وما كنت يوم كنت بينهم إلا بهم، وما أنا اليوم إلا ناشر فضلهم، ومذيع مفاخرهم. فجزاهم الله عن دينهم وأمّتهم ووطنهم أفضل ما يجزي عاملًا عن عمله.

أيها الإخوان:

كأني أراكم بعيني كعهدي بكم تتسابقون إلى البذل في سبيل العلم، وتجودون بالغالي في سبيل الأغلى وبالثمين قيمة للأثمن وبعرض الدنيا قيمة لما عند الله من منازل الكرامة، فحقّقوا ظني أيها الإخوان ولا تفترقوا إلا والدار داركم ودار أبنائكم حسًا ومعنى، وقولًا وفعلًا، واعرفوا قيمة صفقةٍ الله فيها هو البائع، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم.

أيها الإخوان الشاهدون:

عطّروا سمعتكم في الداخل بمثل هذه الأعمال، ومكّنوا صلتكم بجمعية العلماء، بإمدادها بالعون المادي وطاعتها في المعروف والائتمام بها في العلم والدين والفضيلة. أما في الخارج وأعني بالخارج الشرقين: العربي والإسلامي، فالله أرحم بالجزائر من أن يتركها نهبًا للظنون وعرضًا لقالة السوء، فقد رزقها الرحمن الرحيم ابنًا شرّفها بعد الضعة وعرفها من التنكير، وصرفها الجمود وكان عليها عنوانًا مطرزًا ولها رمزًا موشّى وعليها دليلًا هاديًا، ذلكم فاعرفوه هو الأستاذ العبقري الفضيل الورتلاني الذي خدم الجزائر ولم يمنّ عليها وأعطاها من دون أن يأخذ منها والذي عرف الشرق كله عجمه وعربه قيمته وفضله واعترف باستحقاقه للأستاذية واستكماله لشرائط الزعامة؛ ولعمر الحق أنه لأذكى نبات جزائري جنى الشرق ثمراته حينما حرمته الجزائر وانه لأزكى زهر ضوع شذاه في الشرق بعد ما تفتّح في الجزائر، وأن مواهبه وتجاربه تجارتا فيه إلى غاية واحدة فجاء منه رجل، أي رجل وتضافرتا على

<<  <  ج: ص:  >  >>