للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا راجع إلى الجزائر بعد مدة تطول أو تقصر ... راجع إلى ميدان جهادي وأعمالي وهو الميدان الذي يعزّ علي أن أفارقه، وأتمنّى أن أموت فيه إن شاء الله مقبلًا غير مدبر ... وآكد أمل يعمر خاطري أن يفهم إخواننا العرب شعوبًا وحكومات حقيقتنا كما هي كأنهم يرونها بأعينهم، وأن يتبيّنوا أعمالنا وآمالنا، فيكون سرورهم بالأعمال مدعاة لإعانتنا على تحقيق الآمال، فإذا فهمونا على حقيقتنا علموا أن هذا الشعب المجاهد لا زال في حاجة إلى مئات من المدارس الابتدائية تنقذ ذلك العدد المعرض للكفر والاستعجام من أبنائه، وما زال مفتقرًا إلى عدد من المدارس الثانوية ترضي رغبات الآلاف من الحاملين للشهادة الابتدائية، وما زال في حاجة إلى عدة معاهد من صنف دور المعلمين.

وليس كثيرًا على جامعة الدول العربية أن تبني باسمها وبمالها دارًا للمعلّمين وأخرى للمعلّمات في الجزائر ومعهدًا ثانويًا أو معهدين تخفيفًا للعبء الثقيل الذي تحمله جمعية العلماء والأمة من ورائها.

وليس كثيرًا على الحكومات العربية أن تعلم في معاهدها وعلى نفقتها بضع مئات من أبناء الجزائر ليصبحوا معلّمين لأبناء شعبهم ورسل ثقافة بين المشرق العربي والمغرب العربي.

إن مكتب جمعية العلماء بالقاهرة هو جمعية العلماء ممثلة في القاهرة، فهو لسانها الناطق بأعمالها، المصوّر لحقيقتها وأمانيها، وهو السفير الأمين بين الشعب الجزائري وبين الشرق العربي كله، وهو المبلغ الصادق بين الطرفين، وهو الذي يشرف على هذه البعثات الرسمية المنظّمة مهما كثر عددها، وهو متحمّل في هذا السبيل لأعباء لا قبل له بها ولكنها واجبات، وهو في هذا اليوم مسؤول عن نفقات عشرات من الطلّاب لم يلتحقوا بالهيئات الرسمية، وهو كأصله لا ينفق فلسًا من المال ولا دقيقة من الوقت في الشخصيات، وانه منفق كل جهوده في نفع المجموع الجزائري، وهو يمد رجله على قدر الكساء فإن وجد السعة توسّع في البعوث.

أيها الإخوان: إنني أعتقد أنني لا أملك إلا التبليغ وقد بلّغت، ولا أستطيع إلا الإفهام وقد أفهمت، ولي من خصائص العروبة حظ في البيان وقد بيّنت، ولي من حقيقة العالم المسلم النصح وقد نصحت، فاللهمّ اشهد.

محمد البشير الإبراهيمي

رئيس جمعية العلماء الجزائريين

<<  <  ج: ص:  >  >>