يفلّ وأسبغنا عليهم حصانة روحية لا تؤثر عليها هذه الدعايات المضللة وحصانة أخرى مادية ملازمة لها لا تهزمها الجموع المجمعة ولو كان بعضها لبعض ظهيرًا.
المسلمون في حاجة أكيدة إلى دعاية داخلية تهدي ضالهم وتصلح فاسدهم تبتدئ من البيت وتجاوزه إلى الجار والقرية حتى تنتظم المجتمع كله. فإذا عمرت القلوب والبيوت والمجتمعات بمعاني الإسلام الصحيحة أعطت ثمراتها الصحيحة وجاء نصر الله والفتح ربطًا للوعد بالإنجاز ووصولًا إلى الحقيقة على المجاز، ويومئذ تزول هذه الفوارق البغيضة من تلقاء نفسها، فلا مذهب إلا مذهب الحق ولا طريقة إلا طريق القرآن ولا نزعة إلا نزعة المجد والسمو ولا عاطفة إلا عاطفة المحبة والخير ولا غاية إلا نشر السلام والطمأنينة في هذا العالم المضطرب.
لا يأس من روح الله ... فهذه مخايل نصر وهذه مبشرات القطر وهذه طلائع الزحوف الحاملة لراية الدعوة الإسلامية، وهؤلاء عصب من علماء الإسلام قائمون بإحياء هذه الفريضة بصدق وإخلاص وتضحية ومن ورائهم كتائب من شباب الإسلام تفتّحت بصائرهم على نوره يحملون ألسنة قوّالة للحق وعقولًا جوّالة في ميدان الحق وإن عددهم كل يوم لفي ازدياد، وإن نجاحهم فيما يمارسونه من الدعوة إلى الله لفي اطراد، فما على القاعدين إلا أن ينضمُّوا وما على الغافين إلا أن يهتموا ولا على المستيئسين إلا أن يستبشروا ويؤيّدوا وما على الغافلين عن ذاك الشر المستطير إلا أن ينتبهوا إلى هذا الخير فيعملوا على نمائه وبقائه، وإن أثمن هدية يقدّمها المسلم إلى هؤلاء الدعاة هي الاهتداء إلى الحق والاقتداء بأهل الحق.