للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكوماتنا هي التي أخرجتهم وظاهرت اليهود على إخراجهم، و {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ}.

...

كنّا نظنّ هذا مع العقلاء أيام الدعوات إلى المؤتمر وأيام التحضيرات ويوم تراءت الوجوه في المسجد الأقصى فإذا هي أحق بقول المتنبي ممن قال فيهم:

فَمَا تُفْهِمُ ائحُدَّاثَ إِلَّا التَّرَاجِمُ

ولكنهم كانوا على قلب رجل واحد إيمانًا ويقينًا وصدق قصد وقوة عزيمة.

وهنا بدأت المخايل تكذب ذلك الظن وواأسفاه. فما كاد المؤتمر ينظّم اجتماعاته ويقسم الأعمال على شُعبه حتى بدأت الدسائس تدسّ لإحباطه، وكان الدسّاسون منا بالطبع لا من اليهود ولا من النصارى، وكانوا من أهل فلسطين ومن مرعيهم لا من الهمل، ومن وجوههم- شاهت الوجوه- التي جفت من الحياء، وأقبح القبح أن يرتكب المأثم أصحاب المأتم، وأحسّ المؤتمرون بالدسائس فوقف المسؤولون فيه منها موقف الحزم، وألقموا كل أفّاك حجرًا، وكان أصحاب هذه الوجوه ممن يحضرون بعض جلسات المؤتمر في بعض لجانه، فلحظ المراقبون عنهم أنه كلّما جدّ جِدّ المؤتمر رموا في نفسه قذاة وشغلوه بالنافلة عن الفرض، فذكروا مسجد الصخرة وهوّلوا من تداعيه للسقوط ما هوّلوا حتى كأن القدس - وهي في لهوات الضيغم العادي- لا تستحق في نظرهم من العناية بإنقاذها عشر ما يستحقّه هذا المسجد من العناية بترميمه وتزويقه، وهم يرون بأعينهم أن القنبلة اليهودية التي رمت المسجد ما زالت آلتها مسدّدة، وأنها كانت واحدة فأصبحت معددة، وكانت قديمة فاصبحت مجددة، ويرون بأعينهم استعدادات اليهود لا تزال قاصمة الظهر بنا، ويعتقدون بأنهم فاعلون، وكان خطباء المؤتمر يتألفون الشارد ويقولون لهؤلاء الوجوه: يا إخواننا نحن أعوانكم فكونوا أعواننا، نحن مجتمعون لإقامة فرض فلا تشغلونا عنه بنافلة، ونحن نريد للإسلام العالية فلا تنزلوا به إلى السافلة؛ نحن معكم في احترام المسجد ولزوم ترميمه وإن سقوطه إضاعة مضاعفة للمال وخسارة خاسرة للفن، ولكننا في حالة توجب علينا أن نستعمل النظر البعيد، وان السقوط أخف وقعًا على نفس الحر من عار الإسقاط، لأن اليهود مصمّمون على احتلال القدس وهدم الأقصى لإعادة هيكل سليمان وعلى هدم مسجد الصخرة ونسف الصخرة. أفتمارون في هذا؟!

إن اليهود بنوا أمرهم على كلمة وهم واصلون إلى تطبيقها ما دمنا على هذه الحالة، فلنبنِ نحن أمرنا على عكسها إن كنّا رجالًا ونعمل على تحقيقها متساندين. هم يقولون: لا

<<  <  ج: ص:  >  >>