للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدوة لغيرهما فيه. ويبيّن لهما ما يجب عليهما من حقوق للشعوب الإسلامية الضعيفة أو المستعمرة، وكان السبب المباشر لكتابة هذه الرسالة أن حزب الرابطة الإسلامية الذي سعى في تكوين باكستان وفصلها عن الهند، أرسل وفدًا من أعضائه إلى الأقطار الإسلامية لأوائل العهد بنشأة باكستان يستطلع آراء أهل الرأي فيما يجب أن تقوم عليه هذه الدولة الناشئة، وفيما يحسن أن يكون بينها وبين الحكومات الإسلامية من الصلات وفيما يجب أن تقدّمه لتلك الحكومات أو تتقاضاه منها من العون، واتصل الوفد بالأستاذ الورتلاني في إحدى مدن لبنان فأفضى إليه برأيه الكامل في تلك النقط فطلب منه الوفد أن يكتب خلاصة تلك الآراء التي سمعها وآمن بها ليقدموها إلى حكومتهم بعد ترجمتها إلى الانكليزية أو الأوردية ففعل، فجاءت هذه الرسالة المفيدة التي نقرضها اليوم، وقد قدم الأستاذ نسخة منها في ذلك الحين إلى حكومة أندونيسيا بواسطة أحد سفرائها، لاشتراكها مع حكومة باكستان في الافتقار إلى تلك الآراء الصائبة وفي جدة النشأة وفي اتساع الرقعة وفي النزعة الإسلامية العميقة وفي الغنى بالعدد والموارد الطبيعية، وإنهما أقرب الدول الإسلامية إلى الاتحاد الذي يعمل له العاملون المخلصون وهما- مع ذلك كله- تظللان ثلث المسلمين المنتشرين في العالم، وإنها تميّزات تجعلهما محط أنظار المفكّرين الإسلاميين كما جعلتهما هوى أفئدة الطامعين المادينين.

...

حثّ الأستاذ الورتلاني الحكومتين في آخر الرسالة على لزوم الاتصال الوثيق بالهيئات الإسلامية الحرة العاملة لإحياء الروح الإسلامية وإثارة النخوة الإسلامية وبيان الحقائق الإسلامية العليا بالتربية والتعليم وبعث المجد الإسلامي من جديد، وسمّى الموجود الصالح من تلك الهيئات، ومنها جمعية العلماء الجزائريين وجمعية الإخوان المسلمين، وأن ما ذكره الأستاذ في هذا الصدد هو محض النصيحة للحكومتين، فإن استعانتهما بالهيئات المذكورة في تحقيق المعاني الإسلامية تجلب لهما الخير وتخفّف عنهما العناء وتهديهما للتي هي أقوم، لأن هذه الجمعيات تعمل في خدمة الإسلام بنية صادقة وقصد صالح، وهي على بيّنة من أمرها، وعلى بصيرة في دعوتها بعيدة عن تلوّنات السياسة لا تدفعها رغبة في جاه أو منصب ولا تثنيها رهبة من ظالم أو قوي لأن مبنى أمرها على أن القوة لله، والله أكبر. ومن مزايا هذه الهيئات أنها غربلت المعاني الإسلامية ونخلتها علمًا وعملًا، فهي بمثابة المواد المحضرة لمن يريد الخير من الحكومات الإسلامية، وهي نعم العون لها إذا استعانت بها أو استرشدتها.

ولم يوصِ الأستاذ تينك الحكومتين الناشئتين بالاستعانة بالحكومات الإسلامية الموجودة قبلهما، وهو مصيب شاكلة الحقيقة في ذلك، فإن معظم تلك الحكومات إسلامي في اسمه

<<  <  ج: ص:  >  >>