للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما زالت جريدة «البصائر» منذ نشأت تتطلب من قرّائها وأنصارها أن ينشئوا لها العنصر الضروري الذي لا تعيش ولا تنمو إلا به وهو مطبعة كاملة تتلاءم مع سمعتها ومنزلتها في نفوسهم، ومع كرامة اللغة التي هي حارسة بيانها، ورافعة بنيانها، وما زالت مطبعة «البصائر» دَيْنًا في ذمة الأمة الجزائرية العربية وفي ذمة كل من يعرف لـ «البصائر» قيمتها ويربأ بها أن تكون كابن السبيل: له في كل ليلة مأوى.

وما زالت قضية المطبعة شغلنا الشاغل منذ نشأت «البصائر»: كانت أمنية، فأصبحت فكرة، فأضحت عقيدة، فأمست شيئًا ضرورًيا لا بدّ منه، وطالما قلبنا وجوه الرأي في إبرازها إلى حيّز التنفيذ، وافترصنا المناسبات الصالحة لذلك، وأشهد- وأنا أول المهتمّين بهذه القضية- أن ضعف الرأي أضاع علينا فرصتين في وقتين مناسبين، واننا لو ركبنا الحزم ونبذنا الآراء المثبطة لكانت المطبعة اليوم قد آتت ثمراتها كاملة وولدت عدة مشاريع نافعة.

ولو أن مدوّنًا دوّن المحاولات التي حاولناها لتحقيق هذه الفكرة لكانت تاريخًا قائمًا ذا فصول وأبواب ومراحل، ويوم تصبح مطبعة «البصائر» في منزلة تستحقّ التأريخ لها، يصبح شرح هذه المحاولات أساسًا لذلك التأريخ، وسنشرحها في فرصة أخرى ليكون ذلك نورًا يسعى بين يدي ذلك المؤرّخ الذي لا ندري من هو ولا متى يكون.

...

ما الذي يدفع «البصائر» عن المنزلة التي تستحق بها أن تكون لها مطبعة مستقلّة؟

لقد شهد لها الموافق والمخالف أنها أعظم جريدة ظهرت في المغرب العربي، وأنها أرقى أسلوبًا وأسمى بيانًا من كثير من جرائد الشرق العربي، وحسبها شرفًا في الموضوع أنها أحيت العروبة والتمجّد بها في النفوس، وأحيت العربية وبيانها في الألسنة والأقلام، وأنها تناضل عن أشرف مبدإٍ وهو الإصلاح بقسميه الديني والدنيوي، ووجّهت المسلم إلى أعظم هداية نزل بها كتاب وجاء بها رسول وهي هداية القرآن، وحاربت أخبث عدوّ طرق البشرية، وهو الاستعمار، فكيف لا تستحق مع هذا كله- ومثله معه- أن تقدم لها الأداة التي تتوقف عليها حياتها، وأن تقلّد السلاح الذي يضمن لها النصر في المعترك الذي تقتحمه، وأن يدفع عنها أنصارها غضاضة الإيجار عند الغريب أو عند الجار، وهجنة الانتقال من دار إلى دار، فيتألف من ذلك برهان على أن الجزائر أصبحت تقيم الموازين القسط لما ينفعها فتنشطه ولما يضرّها فتثبطه.

هذه الكلمات مقدّمة بين يدي نجوى ... أناجي بها إخواني في الجزائر وأوجّهها إلى جميع أنصار «البصائر» في العالم العربي، ان المطبعة أصبحت واقعًا، فيجب أن يكون العمل لها جدًا، فقد أقدم إخواني وشركائي في الاهتمام بهذه القضية على شراء أكبر آلة في جهاز

<<  <  ج: ص:  >  >>