للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطبعة، وهي آلة التصفيف من نوع "أنترتيب" وما هي- على عظمتها وقيمتها بين آلات المطبعة- إلا جزء من أجزاء، وما غناء الجزء الواحد إذا لم تتلاحق الأجزاء المكمّلة للهيكل؟

...

أنا- على بعد الدار- أدعو الأمة الجزائرية إلى القيام بهذا الواجب المشرف، وهو أن تنشئ لـ «البصائر» مطبعة كاملة تتلاءم مع منزلة الجريدة في الجهاد، ومنزلة الأمة في التعاون وعرفان الواجب والقيام بالعظائم.

أدعو إلى اكتتاب عام يشترك فيه كل جزائري وجزائرية لقضاء دين طال أمده في عنق كل جزائري وجزائرية، وأن يبذل كل واحد منهم ما تسعه طاقته في هذا المشروع العظيم، ومتى عظم المشروع وجب أن تكون الهمم أعظم.

وأنا شهيد على الأمة الجزائرية أنها أمة كريمة، دعوناها إلى تشييد المدارس العلمية فلبّت، وأيقظناها على صوت العلم فهبّت، وسرنا بها إلى الحياة السعيدة فأوضعت وخبت، أفندعوها بعد هذا إلى واجب له خطره، وله قيمته في نهضتها فلا تجيب؟ الظن بها، بل اليقين فيها أنها تستجيب لداعيه وأنها تتسابق إلى تحقيقه بأسرع مما نتوقع وأكمل مما نتخيّل.

إن الأمم الجادة في نهضاتها لا تقف عند حد، فلا تنتهي من عمل عظيم إلا وتبدأ فيما هو أعظم، وإذا وزنا الأمة الجزائرية بهذا الميزان رأينا ما يبشّر بأنها سائرة وأنها لن تقف لأنها شيّدت في مبدإ هذه النهضة عشرات من المدارس الفخمة، ثم شيّدت المعهد الباديسي الثانوي وملحقاته، ثم دار التلميذ العظيمة، وهي أعظم مفاخر الأمة حتى الآن، وبقي عليها من العظائم أن تنشئ لـ «البصائر» مطبعة كاملة فإذا أنجزتها انتقلت إلى تكميل المعهد بإنشاء قسمين لسنتيه الأوليين بتلمسان أو وهران لتخفيف العناء على تلامذة المقاطعة الوهرانية في السنتين، وإنشاء سنتين خامسة وسادسة في الجزائر العاصمة، وبهاتين السنتين يصير المعهد ثانوية حقيقية ذات ستة أقسام، وكل هذا- إن شاء الله- تمهيد لإنشاء معهد ثانوي كامل بتلمسان، وآخر بالبليدة، وثالث للبنات بإحدى مدن القطر ودار لتخريج المعلّمين وأخرى لتخريج المعلّمات، ومدرسة خاصة لتخريج الوعّاظ والدعاة، فإذا تمّت هذه المشاريع على ترتيبها كانت الأمة قد بنت بيدها وبمالها ما يضمن لها الحياة العلمية الكاملة الأجزاء والأدوات.

...

لا أختم هذه الكلمة حتى أبعث تحية خالصة إلى إخواني أعضاء المكتب الدائم الذين سبقوني إلى الاكتتاب لمشروع مطبعة «البصائر» وفتحوا بابه، وإنني أتشرّف بأن أكون آخرهم في العمل إذا كنت أوّلهم في البذل، فأعلن أنني أتبرعّ لمشروع المطبعة بثلاثين ألف فرنك.

<<  <  ج: ص:  >  >>