للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وإن عمليات التخريب والهجمات القوية الخاطفة على الأعداء جارية متواصلة، بحيث لا يكاد يمضي يوم إلا ويسجّل للفدائيين الوطنيين عملًا أو أعمالًا من هذا القبيل، ففي القطاع الشرقي من الجزائر وفي جبل أوراس على الخصوص يصطبغ الكفاح القومي بلون الحرب السافرة المدوية، حيث يلحق المجاهدون الخسائر ذات البال بالقوات الاستعمارية، أما في وسط القطر وفي بلاد القبائل فالهجمات الخفيفة المتكرّرة من الفدائيين تزعج القوّات الفرنسية دائمًا وتسبّب لها أضرارًا مختلفة، وأما في الناحية الغربية من القطر فعمليات التخريب هي السائدة، وهي تتزايد حتى أصبح أثرها ملموسًا في الأوساط التجارية، مما جعل النشاط الاقتصادي في البلاد في حكم المشلول.

إن الحالة الراهنة في الجزائر، والتي تزداد وتشتدّ على مرّ الأيام، هي الظاهرة البيّنة على أن الشعب الجزائري مصمّم على تحرير نفسه من السلطان الاستعماري، وعلى أن يجعل بيده حدًّا لنظام مبناه على القوّة والبطش، وإذلال أحد عشر مليون عربي، وإخضاعهم لحياة الذل السياسي والاستغلال الاقتصادي.

وإن هذا الاستعمار الفرنسي، بمعارضته العنيفة للرغائب القومية المشروعة للشعب الجزائري، ويرفضه لجميع الوسائل المعبّرة عن أماني الشعب القومية، وبازدرائه للكفاح السياسي السلبي، لذلك كله فهذا الاستعمار هو الذي يتحمل وحده مغبّة هذه الدماء المراقة في الجزائر، ويتحمل وحده عواقب هذا الانفجار، لأنه- هو وحده- كان السبب فيه.

وإذا كان الشعب الجزائري قد التجأ إلى السلاح، فإنما فعل ذلك لإنهاء الوضع الاستعماري؛ أما المشكلة الجزائرية فهي فى حقيقتها مشكلة سياسية قبل كل شيء، وبعد كل شيء.

ومن القواعد المقرّرة في عالمنا الحديث أن الحق المطلق في التقرير النهائي لمصائر الشعوب هو أساس لكل تشريع وطني أو دولي، وعلى ذلك الأساس فالشعب الجزائري هو صاحب الحق في تقرير مصيره والتمتعّ بكامل سيادته، وليس لغيره الحق في أن ينصب نفسه نائبًا عنه في تقرير مصيره.

إننا من أجل أن نحمل أولئك الذين ينكرون على الأمّة الجزائرية حياة العزّ والكرامة على أن يحترموا حقوقها التي كفلتها لها الطبيعة والقوانين الإنسانية، ثم ينكرون عليها جهادها في سبيل تلك الحياة، من أجل ذلك اتحدنا نحن الجزائريين المسؤولين المقيمين بالقاهرة، في جبهة واحدة، هي (جبهة تحرير الجزائر)، عاملين على مساندة الشعب الجزائري في كفاحه القومي من أجل الحرية والاستقلال، وإننا لنعرب عن رغبتنا الملحّة في أن نرى اتحادنا هذا يتّسع حتى ينتظم سائر الحركات الاستقلالية الوطنية في كل من تونس ومراكش.

<<  <  ج: ص:  >  >>