للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقاتلون جيشًا استعمارًيا يظاهره جميع أنصار الاستعمار وقوى الشر المنتشرة في العالم، ومن ورائه ملايين من الشعب الفرنسي وقد تمالأوا على العدوان وتراضوا بالظلم والتجرّد من الإنسانية، يحملون قلوبًا تلتذ بمنظر الدماء والأشلاء وتفور بالحقد والبغضاء للإسلام والعروبة والشرق حتى للمسيح وتعاليمه، ومن وراء الجميع رئيس مفتون بالرئاسة أعماه الغرور عن رؤية الحقيقة، وأصمّته العنجهية عن سماع صوت الحق، فهو يتخبّط في ليل داج من الشبهات والأضاليل، وفي مجهل طامس من الدعاوى والأكاذيب، وكلما قلب الرأي وأداره هجم به على نتيجة تناقض رأيه، وكأن الله- جلّت قدرته- نصبه نذير شؤم لقومه بسوء العاقبة ووبال الأمر، وويل لهذا الشعب المضلّل الذي أفلس في الرجال أكثر من إفلاسه في المال، وربّاه الإلحاد وفساد الأخلاق ونقصان العقل إن تمادى في اتّباع خطوات هذا الرئيس المغرور.

الاستعمار كله رجس من عمل الشيطان، ويمتاز الاستعمار الفرنسي بأن آثار الشيطان فيه واضحة، ومخايل الشيطان عليه لائحة، فهو لا يقنع بالسيطرة على الظواهر بل يتدسس إلى مكامن السرائر ليفسدها أو يبتليها بالوهن والانحراف عن سبيل الفطرة، فهو لا يهدأ له بال حتى يدخل شيطانه في العلاقة بين الناس وبين خالقهم ... يدخل في العقائد الدينية فيشوبها بشوب الشرك والضلال، ويدخل في العبادات البدنية فينصب للناس أئمة للصلاة وهم يتجسسون عليهم، ويمنع صومهم، ويجعل من الولد جاسوسًا على شريكه، ومن الجار جاسوسًا على جاره، كل ذلك ليقضي على وشائج القربى بين الناس ويفسد وسائل المحبة والثقة بين أفراد المجتمع، ويقضي على أسباب التماسك بين أفراد الأسرة، ويسري منهم إلى أجزاء الأمة، ويدخل في التعليم فيحرم تعليم العربية ويعاقب عليه كما يعاقب على الجرائم.

وفي جنب ذلك يفتح الباب على مصراعيه للرذائل ومفسدات الأخلاق؛ فالخمر والزنا وغيرهما من الموبقات حلال في شريعة هذا الاستعمار باسم الحرية، وكل ما يحفظ الأسرة والأمة والأخلاق من عوامل التفتت والانحلال حرام في تلك الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>