للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلا، فحرام أن نظلم الجندي الفرنسي وحده، فلو زكا الأصل لزكا الفرع، ولو طاب المولد لطاب المحتد، ولكنها أصول مظلمة ومن ثم كانت ظالمة، وشعب مطبوع على الاستطالة واحتقار الشعوب الأخرى، يعتقد أن وجوده في عدم غيره وحياته في موت الشعوب الضعيفة، فهو جار في الشرّ على عُرف أصيل. ويقول المغرورون بالظواهر المفتونون بالألوان السطحية الذاهبون إلى عامل التأويل، إن الذين يقومون بتلك الموبقات في الجزائر إنما هم أجانب عن فرنسا من السنغال أو جنود اللفيف الأجنبي، وأين الرئيس الفرنسي الصميم الذي لا يتمّ أمر في نظام الجند الفرنسي إلا بعلمه واطّلاعه ورضاه وأمره؟ وفات هؤلاء أن السنغاليين وفرقة اللفيف إنما هي موضوعة بالقصد الأول في الجيش الفرنسي لمثل هذه المنكرات من هتك الأعراض واستباحة الحرمات علانية، والرئيس إذا لم ينهَ عن المنكر فهو آمر به.

أيها الإخوان:

أين هذا من حضارة الإسلام في طوره الأول التي يتفننون في رميها بكل نقيصة، وأين آداب القتال التي شرعها الإسلام من آداب القتال في هذا العصر المتحضر؟

أين هذه الأعمال الوحشية من رحمة الإسلام التي أمر بها الخليفة الأول في وصيته المشهورة لجيش متوجه للغزو ومنها: لا تقتلوا إلا من قاتلكم ولا تقتلوا طفلًا ولا امرأة ولا شيخًا ضعيفًا.

إننا معشر الجزائريين نعلم عن فرنسا، بحكم المجاورة بيننا وبينها، ما لا يعمله غيرنا.

وقد مسّنا من عذاب باستعمارها لنا ما لم يمسس غيرنا من غيرها، فإذا حكينا عنها فإنما نحكي عن عيان، ويعلم الله أننا في ما نحكيه عنها غير متجنّين ولا مفترين ولا متأثرين بالعداوة.

أيها الإخوان:

إني أرجو أكيد الرجاء أن تكون أيام العرب والمسلمين جميعًا يوم الجزائر حتى تنتصر الجزائر وتنتصر العروبة والإسلام في الجزائر ... وفّقنا الله جميعًا وسدّد خطانا، وأنجح مسعانا ونصرنا على القوم الظالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>