للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك، وعلى تربة الوطن، كنت أجتمع كل أسبوع أو كل شهر على الأكثر بإمام النهضات الجزائرية من دينية وسياسية واجتماعية الشيخ عبد الحميد بن باديس. وتلاقى فكرانا على هدف واحد وهو قيامنا بنهضة شاملة نُحيي بها ما انْدَرَس من معالم العربية والإسلام بالوطن الجزائري.

وشرعنا نخطط خططًا لذلك وكيف نحارب الاستعمارين الروحي والبدني في الجزائر، فهما اللذان تواطآ على تجهيل الجزائر وتفقيرها بإبعادها عن الإسلام وعن العروبة وعن تاريخ الإسلام والعروبة وعن أمجاد الإسلام والعروبة. ولبثنا نفكّر ونقدر عشر سنوات مع توسيع دائرة تعليمنا الخاص إلى أن جاءت سنة ١٩٣٠، وتمّت لفرنسا مئة سنة على احتلالها للجزائر، فاحتفلت بذلك احتفالًا عالميًا، وأعلن كثير من خطباء ذلك الاحتفال من الفرنسيين فقالوا: إن معنى هذا الاحتفال الحقيقي هو تشييع المسيحيين لجنازة الإسلام.

وقد خيّب الله ظنهم ورماهم بما كذب فألهم، فبرزت جمعية العلماء للوجود سنة ١٩٣١ وكان من أعمالها في إحياء الإسلام الصحيح وإحياء لسانه العربي المبين ما هو مشهور مسجل في جرائدها الكثيرة.

وقلت لفضيلة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي:

كيف نقوّي الرابطة بين الشباب المسلم؟

فقال: معظم الشباب المسلم اليوم مفكك الأجزاء لا تربطه رابطة دينية ولا دنيوية، وهذا أمر يؤسف له ...

وسألت: ما هي الأسباب؟

فأجاب قائلًا: أهم الأسباب لذلك يرجع إلى تنشئته، فالكثير من هؤلاء الشباب لم ينشأ دينيًا، لا في البيت الذي هو أول مدرسة في حياته، ولا في المدرسة التي هي آلة التقويم الخلقي لتلامذتها، ولا في المجتمع. لذلك نشأ رخو الطباع، والعهدة في هذا ترجع إلى الأبوين، وبيئة الأهل والأقارب الذين يتقلب الشباب بينهم ويقضي زهرة شبابه في مخالطتهم صباحًا ومساءً، ثم على المدرسة التي تعلّم والتي ما تزال في معظم الأحيان غير مجتهدة بحق في العناية بتربية الأخلاق الفاضلة وغرسها في نفس الشاب، وما دام هذان العاملان مشتركين بين الشباب فلا نطمع أن تسري هدى الصلاح والفضيلة من فريق منهم إلى فريق، ولا نطمع أن يعدي الصحيح الأجرب، بل الواقع أن الطالح يعدي الصالح.

وسألت: ما هو العلاج؟

<<  <  ج: ص:  >  >>