للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن الأستاذ عبد الحميد معيزة هو الوحيد الذي أشاد بجهود الإمام الإبراهيمي في هذه الفترة بسطيف؛ بل كانت الإشادة بجهوده واسعة، وكان الاعتراف بفضله كبيرًا، شارك في ذلك ثلة من الأدباء والعلماء منهم محمد بن الحاج إبراهيم السطيفي، وأحمد الغزالي، ومحمد الموهوب. ومما جاء في قصيدة الشيخ محمد بن الحاج إبراهيم السطيفي:

بني وطني عوجُوا نحو سطيفكم ... وحيوا (بشيرا) في الصباح وفي المسا

(بشير) ينادي رافع الصوت جهرة ... يقول: هلموا نَجْبُر الصدع والأسا (١٠)

وبعد بضع سنين تمكن الإمامُ من تأسيس مسجد ببلدة رأس الوادي، ودعا - لافتتاحه - الإمام ابن باديس، الذي أشار إلى أن الأستاذ الإبراهيمي ألقى خطابًا عظيمًا (١١)، ثم تعزز المشروعان- مدرسة سطيف ومسجد رأس الوادي- بمشروع ثالث سنة ١٩٣١ وهو مسجد كبير بمدينة سطيف (١٢). وبالرغم من أننا لم نعثر- حتى الآن- على أخبار بتأسيس مشروعات أخرى قبل تأسيس جمعية العلماء، فليس مستبعدًا أن يكون الإمام الإبراهيمي قد أسس مساجد أو مدارس أخرى أو وجّه غيره إلى تأسيسها. وكم أهمل التاريخ من أعمال!

قد يقول قائل: وهل في فتح مدرسة أو تأسيس مسجد ما يدعو إلى هذا الاهتمام وإلى هذه الإشادة؟

لا ريب في أن هذا القائل- إن وُجِد- يجهل الوضع الذي كان سائدًا بالجزائر في ذلك العهد المظلم، فقد كان الفرنسيون يعتبرون فتح مدرسة أو تأسيس مسجد صغير أكبر جريمة، ويعتبرون مَن فعل ذلك أو دعا إليه قد جاء شيئًا إدًّا، لأن فيه عرقلة لهدفهم في الجزائر وهو الفَرْنسة والتنصير، ومَن عرف هذه الحقيقة اعترف. كما أن الأوضاع الإقتصادية المأساوية التي كان الشعب الجزائري ينوء تحتها- بسبب سياسة التفقير والتجويع التي سلّطها عليه الفرنسيون- تجعل من الصعب إقناعه بتقديم قليل مَوْجُوده لمثل هذه المشروعات، لأن في ذلك تحميله ما لا طاقة له به.

كانت الركبان والأخبار قد طيّرت اسم الإمام الإبراهيمي في آفاق الجزائر، وأذاعت رسوخه العلمي في أطرافها، فاختير سنة ١٩٢٩ لرئاسة لجنة الاحتفال بذكرى الدكتور محمد ابن شنب بالجزائر العاصمة (١٣)، وهو اختيار له دلالته.


١٠) جريدة "النجاح"، عدد ١٤٥، في ١٩٢٤/ ٢/٨. أما قصيدة الشيخ أحمد الغزالي فقد نشرت في عدد ١٤٦ من جريدة "النجاح" في١٩٢٤/ ٢/١٥. ونُشر تشطير محمد الموهوب لقصيدة الأستاذ معيزة في عدد ١٤٩ من جريدة "النجاح".
١١) مجلة " الشهاب"، جزء١، مجلد٦، قسنطينة، فبراير١٩٣٠.
١٢) انظر مقال " افتتاح مسجد سطيف " في هذا الجزء من الآثار.
١٣) مجلة " الشهاب" جزء٣ مجلد٥، قسنطينة، أبريل١٩٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>