للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلام من أصحاب اليمين، وغيوث من صوادق الوعود، لا صوادق الرعود، لا تخلف ولا تمين. وسحائب من الرحمات تنهل سواكبها، وكتائب من المبشرات تزجى مواكبها.

وسوافح من العبرات تنحلّ عزاليها، ولوافح من الزفرات تسابق أواخرها أواليها.

على الجدث الذي التأمتْ حافتاه على العلم الجم والفضل العد، ووارَى ترابه جواهر الحجا والذكاء والعزم والجد، وطوَى البحر الزخار في عدة أشبار، فأوقف ما لا حدّ له عند حد، واستأثر بالفضائل الغزْر، والمساعي الغرّ، والخلال الزهر، فلم يكن له في الأجداث ند، وأصبح من بينها المفردَ العلم كما كان صاحبه في الرجال العلمَ الفرد.

وسلام على مشاهدَ كانت بوجوده مشهودة، وعلى معاهد كانت ظلال رعايته وتعهّده عليها ممدودة، وعلى مساجد كانت بعلومه ومواعظه معمورة، وعلى مدارس كانت بفيضه الزاخر، ونوره الزاهر، مغمورة، وعلى جمعيات كان شملها بوجوده مجموعًا، وكان صوته الجهير، كصوت الحق الشهير، مدوّيًا في جنباتها مسموعًا.

مشاهد كان يراوحها للخير والنفع، وكانت آفاقها بأنواره مسفرة.

ومعاهد كان حادي زُمَرها إلى العلم، وهادي نُزَّاعها إلى الإحسان والسلم، فأصبحت بعده مقفرة.

ومدارس، ما مدارس، مهدها للعلم والإصلاح مغارس، ونصبها في نحور المبطلين حصونًا ومتارس، وشيّدها للحق والفضيلة مرابطَ ومحارس.

وسلام على شيخه الذي غذّى وربّى، وأجاب داعيَ العلم فيه ولبّى، وآثر في توجيهه خير الإسلام، فقلّد الإسلام منه صارمًا عضبًا، وفجّر منه للمسلمين معينًا عذبًا، فلئن ضايقته الأيامُ في حدود عمره. فقد أبقت له منه الصيت العريض، والذكر المستفيض، ولئن سلبته الحلية الفانية فقد أَلْبستْه من مآثره حُلل التاريخ الضافية، ولئن أذاقتْه مرارة فقده، فقد متّعته بقلوب أمّة كاملة من بعده، ولئن حرمته لذة ساعات معدودة، فقد أسعدته به سعادةً غير محدودة.

وسلام على إخوان كانوا زينة ناديه، وبشاشةَ واديه، وكانوا عمَّار سامره، والطيبَ المتضوع من مجامره، والجوارحَ الماضيةَ في تنفيذ أوامره.

وسلام على أعوان كانوا معه بناة الصرح، وحماة السرح، وكانوا سيوف الحق التي بها يصول، وألسنة الصدق التي بها يقول، أبتْ لهم عزة الإسلام أن يضرَعوا أو يذلّوا، وأبتْ لهم هداية القرآن أن يزيغوا عن منهاجه أو يضلّوا، وأهلك العالمَ زللُ العلماء فتقاسموا بشرف

<<  <  ج: ص:  >  >>