للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى الآن لم ندر ما مرادهم بالكبيرة؟

لم تبلغ بنا البلاهة إلى حدّ أن تخفى علينا المقاصد الحقيقية من هذه الترهات. فقد فطنا من أول لحظة للقصد من هذا التشريع التافه. وسبق الشيخ أبو القاسم البيضاوي فكتب مقالة في العدد الثامن عشر من "البصائر" كشف فيها الغطاء عن هذه اللعبة، ونبّه الأمّة إلى ما ينطوي عليه هذا القانون من كيد. وأن الغاية منه التوصل إلى العبث بأعيادنا والتحكم في شعائرنا بواسطة لجنة كلجنة الأهلة والأعياد.

كانت المكيدة مفضوحة بنفسها وبأيدي رجالها الذين غفلوا عن موطن النقد فافتضحوا ودلونا على أن الأمر كله وحي وإيعازات.

ذلك أن ليلة الأربعاء هي ليلة الشك. فكان الواجب على لجنة الأهلة أن تنسى الأعياد، وأن تأخذ للأمر حيطته بأربعة أمور:

الأول: أن تبقى مجتمعة في مكتبها إلى ما بعد منتصف الليل لتتلقّى الأخبار لاسيّما وبلاغ الشيخ القاضي يتضمن هذا.

الثاني: أن تتقدم إلى إدارة البريد بإبقاء المكاتب البريدية في القرى الصغيرة مفتوحة إلى ذلك الوقت.

الثالث: أن تتقدم إلى إدارة الراديو بمثل ذلك.

الرابع: أن تكون على اتفاق مع جميع قضاة القطر بأن يتصلوا بها إلى ذلك الوقت. ولو شاءت اللجنة لفعلت ذلك من دون مانع ولا عائق، أولًا لأن للقضاة جمعية ورئيسها

هو رئيس اللجنة. وثانيًا لأن هذه الأشياء الأربعة حكومية، فهي أخوات من الرضاع وقد سمعنا أن جمعية القضاة اجتمعت مرات، ولم نسمع أنهم ذكروا هذه المسألة الخطيرة بكلمة.

غير أن لجنة الأهلة والدعاية لم تفعل شيئا من ذلك، بل فعلت نقيض ذلك. فما جاءت الساعة التاسعة ونصف- العاشرة حتى كانت مكاتب القاضيين والمفتيين بالجزائر كلها مغلقة، وأهلها نائمون. وسرى النوم منهم إلى الراديو فغطّ، كأن الليلة ليست ليلة شك. وكأن الأمّة ليست في انتظارهم وانتظاره وكأن الشيخ القاضي لم يكتب في ذلك بلاغا. ولو أنه انتظر إلى نصف الليل، لَقام عن نفسه بالعذر سواء صدّق خبر قسنطينة أو كذّبه.

وقد طلب مركز جمعية العلماء مكاتب القاضيين والمفتيين مرارًا إلى ما بعد نصف الليل، فلم يجبه أحد، وجاءتنا الأخبار من الآفاق بأن عشرات من الناس طلبوا مكتب اللجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>