للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرات المرات فلم يجبهم أحد. وأن محكمة قسنطينة خاطبته بعد العاشرة لتبلغه الخبر الذي تلقّته بالرؤية فوجدته نائمًا. وبلغتنا الأخبار الصادقة بأن كثيرًا من المحاكم لم تفتح ليلة الأربعاء ولا دقيقة، وأن قاضي سطيف استيقظ في الساعة الثامنة من صباح الأربعاء فبلغه أن الرؤية ثبتت عند قاضي قسنطينة، فأمر مناديًا ينادي في الناس بالإمساك فقابله مفتي البلد به بمناد آخر ينادي بالفطر. وكانت فتنة، وكان تشويش، وكانت سخرية بالغة من الأجانب. وما كان القاضي ولا المفتي يريد بما صنع وجه الله ولا نصر الحق، وإنما هو تنازع على نفوذ موهوم ورياسة زائفة.

ومما يزيد في الحسرة والألم أن جريدة "ديبيش قسنطينة" نشرت صباح الأربعاء خبرين متناقضين في إطار واحد، أحدهما بالحرف الدقيق ومعناه أن قاضي قسنطينة أثبت الصوم، والآخر بالحرف الغليظ ومعناه أن قاضي الجزائر يقول: لا رؤية، ولا هلال، ولا صوم. وجريدة "الديبيش" من ألسنة الاستعمار الحادة، ومن معامل الكيد للإسلام والمسلمين، ومصانع الاستخفاف بهما، والاحتقار لهما. ولها في كل حرف تنشره عنهما حكمة وغرض. ففي نشر الخبرين معًا في إطار واحد بنوعين من الحروف أحدهما يلفت النظر، معان لا تخفى علينا ومغاز لا نستغرب منها، ودلالة على دعايتها لأحد الخبرين، وترجيحًا له. وإننا لا نلومها على شيء خلقت له، فقامت به أحسن قيام. وإنما نلوم هذه الهيئة القضائية المتشاكسة على إدخالها الأغراض الشخصية في مسائل الدين، وعلى هذا التلاعب الذي مهّدت به السبيل للسخرية من الإسلام والمسلمين.

...

أصبحنا لا نثق بهذه الهيئات المسيرة، ولا بهذه الآلات المسخرة. فهل للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن ينظروا لدينهم، ويجمعوا على أمر يشرف الإسلام وينقذه من هذه الفوضى المخزية. وسندلي برأينا في ذلك ونشارك في وضع خطة الإنقاذ.

وقد كنا نشرنا على الأمة منشورًا في العام الماضي، وأعدنا نشره في هذا العام مكنا فيه للثقة بمراكز الإذاعة في تونس والجزائر والرباط، وبالأخبار التي تأتيها من الهيئات الشرعية، حملًا لها ولهم على محمل الأمان والائتمان. ولم نراع في ذلك كونهم قضاة ولا مفتيين. وإنما راعينا كونهم عمالًا مؤتمنين. أما الآن ... وبعد اطلاعنا على هذه الخائنة منهم فقد بدا لنا فيهم بداء. وما على الأمة بعد هذا إلا أن تعتمد على نفسها، وأن تتبادل الأخبار التلفونية من شاهدين إلى شاهدين، وأن تجتهد في تعميم الأخبار بالوسائل الممكنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>