للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمّة، وهالهم أن نكون نحن البادئين بالدعوة لأمر يجب- في مذهبهم- استغلاله للدعاية والمال. فأرسلوا رائدهم السيد أحمد مزغنه معلنًا لقبول الانضمام والمشاركة، وحضر الجلسة الثانية بنادي الترقّي وسمع المقرّرات البدائية، واقترح اقتراحًا فهمنا مغزاه من أول حرف، لهذه المناسبة، وهو أن يزور كاتب هذه السطور والعقبي وعباس فرحات رئيسهم الأعلى السيد الحاج مصالي، لأنه ممنوع من الهبوط إلى الجزائر، وما كانت الحيلة لتخفى علينا، ونحن أعلم الناس بمسالك القوم وأساليبهم في الدعاية لأنفسهم، ولكننا رجحنا شرف القضية على كل اعتبار، وقبلنا الاقتراح "على طول الخط" فزرناه من الغد في جماعة: الكاتب والعقبي وبيوض وفرحات وصاطور والدكتور ابن خليل، ووجدنا عنده السيدين: مزغنه وبودا. وتمّ الاتفاق على الهيئة واسمها وأعضائها الخمسة وأعمالها وعلى البرقيات. وكان سرور وكان ارتياح، وسرت الأخبار إلى الأمّة فطارت فرحًا. ولم يجر في تلك الجلسة ذكر للنقطة الحساسة، وهي احتكار القوم للرياسة، وإنما نبّه كاتب السطور إلى أن هؤلاء الأعضاء الخمسة، كالأسماء الخمسة، متساوية في الإعراب، وليس فيها أَمٌّ للباب. فقال القوم: إنها مائدة مستديرة، فقلنا إنها دائرة مستديرة، وليس لها زاوية. وكان المصوّر حاضرًا معدًّا (بالتوصية) فأخذ لنا مجتمعين عدة مناظر على تراتيب منوّعة اقترحت اقتراحًا (بالتوصية) أيضًا، وما كانت الحيلة لتخفى علينا هذه المرّة أيضًا، وهي دائرة على الدعاية والمال دائمًا، ولكن اعتبار فلسطين طغى على كل اعتبار في نفوسنا. وقلت لهم: أرسلوا لنا نسخة من كل منظر، لتذاع وتُنشر، ونحن ندفع قيمتها. وألحّ الشيخ العقبي في طلب هذا فوجموا ثم قالوا: نعم. كلمة تكاد حروفها تتزايل من الارتخاء والتخاذل. وانصرفنا والبِشر باد على الوجوه، ولكن النفوس فريقان: فريق باطنه كظاهره، وفريق يرى- كما دلّت العواقب- أن الحصول على الصور هو غنيمة الموقعة، وهي كل ما في الباب، وما عداها- حتى فلسطين- سراب في يباب، ويا لله لفلسطين ... حتى دماؤها وأشلاؤها تتخذ ذريعة للدعاية والمال، وحتى اسمها وقضيتها تتخذ أدوات للانتفاع والاستغلال، ولكن هذا ما وقع. وتتبع الرواية يرحمك الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>