للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك بمانعنا من أداء الواجب، ولا مثبطنا عن مواصلة الكفاح. وان لتصامم الحكومة عن كلامنا، وتعاميها عن حقّنا لحدًا تنتهي إليه، وإننا لا نملّ حتى تمل.

...

أصابت هذا القلم فترات في أثناء السنة الماضية سببها كثرة الأعمال المرهقة والرحلات المتواصلة في سبيل المعهد والمدارس، وليس من أسبابها المرض الذي أقعد صاحبه شهرين وزيادة، فلقد كان ذلك المرض أجدى على "البصائر" من العافية والسلامة، ففي أيامه وعلى فراشه كتبت عشر مقالات في معاملة الحكومة للتعليم العربي، حتى سمّاه الأستاذ التبسي "المرض المنتج" وقال لبعض من ثقلت عليه وطأة تلك المقالات من صنائع الحكومة ما معناه: إني لا أرضى للإبراهيمي أن يشاك بشوكة ولكن هذه المقالات حبّبت إلي طول مرضه مع سلامة العاقبة.

تألّم القرّاء لتلك الفترات، فوافتنا رسائلهم تشكو وتعتب، وامتعض لذلك المعجبون باستهلالات "البصائر" من إخواننا الشرقيين، وساورتهم الظنون التي يجسّمها بعد الديار، وانقطاع الأخبار، فكتبوا يسألون يستفسرون. وحرن الكاهن (لا بارك الله فيه) فكأنما كنّا في الفتور على ميعاد، وخلا في "البصائر" ثغر من ديدبانه، وجلا من فرسانها فارس عن ميدانه، ولولا عزمة من "أبي محمد" تنهل ديمة (١)، وتبرق ولافا (٢)، ولولا إكباب منه لا يعرف الإغباب، في الأفق الذي خصّص له قلمه، ولولا عزيمة أخرى في العهد الأخير من "أبي عزيز"، لخف وزن "البصائر"، وجف رونقها.

وهذا القلم الذي لا يزدهيه إعجاب المعجبين، لا يقصر- إن شاء الله- عن مدى في خدمة العروبة والإسلام، ما احتضنته الأنامل، وما أرضعته الدُّوِيّ، وأنه ليشكر أولئك القرّاء المتألمين من احتباس جريه، ويقول لهم: إنه لا يسكن إلا ليتحرّك لسان صاحبه في خدمة العلم، وتتحرّك قدماه في ميدان العمل.

...

وجر بعدي عن "البصائر" وقوع هفوات فيها ما كانت لتقع لو كنت قريبًا منها، كما جر ذلك البعد شيوع الأخطاء المطبعية وتصحيح الجريدة نصف الجمال فيها. وأنا أتأسف لذلك وإن كان وقوعه عن غير قصد من القائمين عليها.


١) مطر ديمة: لا يقلع.
٢) برق ولاف: متتابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>