للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي حالتنا التي يجب أن نتواصى بتفهمها لنقوى على علاجها لأن ما نحن فيه ليس موتًا، وإنما هو مرض عضال.

هذه هي القرية التي أحياها الله بالعلم، بعد أن استيأس الناس من حياتها، وستبقى حية

قوية لأن حياتها مستمدة من الروح لا من المادة وحياة الروح والعلم لا يدركها الفناء، وكأن الله تعالى ضرب المثل بهذه القرية الضعيفة للمعتبرين، وأقامها حجة على المتخلفين.

أيها الإخوان، أيها الأبناء:

وهذه الوفود الكريمة قد أقبلت من أطراف العمالة زمرًا تعاون على الخير وتشد أزر العاملين، وتبتهج بعيد الدين والعلم، وتصدق قول نبينا: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمِثْلِ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». فقد اشتكى إخوانهم عوزًا في المال ونقصًا في القدرة على الإكمال، فتداعوا إلى العون، وسنرى منهم ما يشرح الصدور ويقر الأعين.

وإذا كان فيكم من سعى من بعيد فقد قطعتُ إليكم جميعًا ألف ميل في ليلة واحدة، من بجاية مدينة العلم والتاريخ، إلى تلمسان مدينة العلم والتاريخ إلى بنتها ومحجورتها "الحنايا"، وإذا تقاربت القلوب واتحدت المقاصد طويت الابعاد وهان السفر وعناؤه.

حدانا حاد واحد، هو أغنية العلم، وساقنا سائق واحد هو داعي العلم، ولقد ساقني وساق "سائقي" إليكم شعور صادق يجمعنا جميعًا وهو الفرح والاستبشار بهذه المقدمة التي ستكون لها نتائج، والإعانة والتأييد لفئة صالحة تجمعنا بها وشائج وأي وشائج، وإنني أتوسم الوجوه فأرى فيها المثنى والمثلث، وأعني بالمثنى من حضر العام الماضي في فتح مدرسة "ندرومة" وحضر هذه السنة في هذا المشهد، وبالمثلث من حضر العام قبل الماضي فتح مدرسة الغزوات، وحضر في العام الماضي فتح مدرسة "ندرومة" وهذا العام في هذا المشهد، أطال الله أعماركم لحضور المشهد الرابع في وهران والخامس وما بعده في غيرهن.

وما هذه سنوات، وإنما هي مراحل نقطعها إلى إسعاد الأمة وإعزازها، ونستدع ما فيها

من نصب ولغوب بالفيض الرباني الذي يغمر الأرواح الطاهرة، والنفحات الإلهية التي تهب على قلوب المؤمنين فتنتعش.

وسيشهدنا الله مشاهد أخرى أهم وأعظم، وسنقطع مراحل أوسع وأمجد، وإني في كل هذه التنقلات المتعبة أتسمع كأن هاتفًا من وراء الغيب يقول: إلى أين؟ ... إلى أين؟ .... فأجيبه؟ إلى الحياة العزيزة ... إلى تمكين سلطان القرآن .... إلى إحياء البيان العربي .... إلى الجنة ....

<<  <  ج: ص:  >  >>