للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستقبال إلى نزل (ألّيتي) ليستريح قليلًا ويغيّر بذلة السفر، ثم ذهب إلى دار الرَّئِيسُ فتناول فيها طعام العشاء وسمر إلى نصف الليل، وفي صباح الجمعة ٢٢ زار ضريح المرحوم علي الحمّامي الذي عرفه وشهد نقل جثته من كراتشي، وتناول الافطار في ذلك اليوم في ضيافة حزب البيان، وعلى الساعة السادسة من مساء الجمعة أقامت له جمعية العلماء بمركزها حفلة شاي حضرتها طائفة من معلّمي مدارس جمعية العلماء وطائفة من رؤساء شُعَب الجمعية، وطائفة من رجال الاصلاح، وطائفة من رجال الحزبين البارزين (٢)، وخطب الرَّئِيسُ فرحّب بالضيف وأفاض في تحليل أخوة الإسلام وآثارها واستخدامها في الخير العام والرحمة الشاملة، وترجمت خلاصتها للضيف بالإنكليزية، فردّ عنها بخطبة كلها تأييد ونصح للحاضرين بالرجوع إلى هداية للإسلام، وكان كلامه يترجم للحاضرين جملة جملة، فيؤثر فيهم أبلغ التأثير، وبعد الحفلة تناول العشاء في ضيافة حزب الشعب.

وفي صباح السبت ألقى محاضرة باللغة الإنكليزية في قاعة سينما "دنيازاد" وكانت الدعوة باسم الأستاذ مراد كيوان صاحب مجلة "الإسلام الفتى"، وبعد أن قدّمه الأستاذ أحمد توفيق المدني بكلمة عربية والأستاذ كيوان بكلمة فرنسية قام الضيف المحاضر فألقى محاضرته جملة جملة، وكان نظام الترجمة بديعًا حقًا، فقد وقف الأستاذ كيوان عن يمين المحاضر والأستاذ المدني عن يساره، فيلقي المحاضر الجملة بالإنكيزية، فيترجمها كيوان بالفرنسية، فيترجمها توفيق إلى العربية الفصحى، فيسمع السامع ثلاث لغات في نسق واحد كأنها من لسان واحد.

أما المحاضرة فكلها في تمجيد الإسلام وأخذ المثل العليا من سير رجاله، وخصّ المحاضر ثلاثة من الصحابة هم مجالي القدوة للمسلمين في خلال انفردوا بها: بلالا في الصبر والثبات، وأبا بكر في السبق إلى الحقّ مع منافاته لما شبَّ عليه وشاب، وعلي في الايثار وبيع النفس والفداء حين بات على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الهجرة وهو يعلم أنه الموت. وما أحلى ذكره لغار حراء ووصفه بأنه منارة النور.

ثم استخرج من عبر التاريخ الإسلامي والتاريخ الإنساني ما بلغ به الغاية من التأثير، ثم وصف شيئًا من حالة المسلمين اليوم وصف العالِم الواسع الاطلاع، وجش مواطن الألم فأدهش، ودلّ على مطالع الأمل فأنْعَش، وكان في كل ذلك بارعًا.

وبعد انتهائه وهدوء عاصفة التصفيق قام رئيس جمعية العلماء فانتزع من المحاضر ومحاضرته أمثلة ضربها للسامعين مؤكدًا على تطبيقها ومقارنتها، ومنها آثار سبق التربية الإسلامية إلى النفوس، وسبق دراسة التاريخ الإسلامي الصحيح إلى الأذهان، ونعى على


٢) الحزبين البارزين: هما حزب البيان، وحزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية.

<<  <  ج: ص:  >  >>