للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفعال العقلاء تصان عن العبث ... فما الحكمة في تكدير راحة رئيس اللجنة ساعة أو ساعتين من العام؟ وما الحكمة في اجتماع اللجنة ساعة أو ساعتين من السنة؟ ولا ندري ماذا تنتظر في تلك الساعات؟ فإن كانت تنتظر أخبار العالم الإسلامي فهي قد أعلنت أنها مقطوعة الصلة به، ولا تعمل برؤيته، وإن كانت تنتظر الأخبار من داخل القطر، فهذا تعب ضائع، إِنَّ تسعين من المائة من قضاة القطر يكونون نائمين ملء عيونهم في تلك الساعة، أو منهمكين في أعمال ليلية حرّة، ولا يهمهم من أمر رمضان شيء، ولأجل هذه المعاني فيهم انقطعت صلة الجمهور بهم إلا في الخصومات الضرورية، وكوّنت العوائد السيئة بين الفريقين نفرة، فأصبح الناس يرون الهلال ولا يشهدون بالرؤية أمام القاضي، وقد يراه جار المحكمة أو من تجمعهم بالقاضي بلدة، ولكن لا يبلغون ولا يشهدون. ويرجع بعض السبب إلى أنهم لم يروا منهم العناية بالشؤون الدينية، ومنهم من لا يفتح المحكمة ليلًا لأن ذلك مخالف للقانون، ومنهم من لا يشارك المسلمين في مساجدهم وشعائرهم، ومنهم من يقارف- على أعين الناس- أمورًا منكرة في الدين قادحة في المنصب، منافية للشرف.

... أسباب بعضها من بعضها، تراكمت فأثمرت هذه الحالة التي نأسف لها، ونحمل القضاة تبعتها، وإن كنا نعتقد أن البريء منهم أخذ بذنب المجرم، ولكن المسلم الفطري له منطق مخصوص، ولا لوم عليه إذا اعتقد أن القاضي الذي لا يشارك المسلمين في صلاتهم، لا يشاركهم في صومهم، وهو- لذلك- لا يكون أهلًا لتعديل الشهادة وهو مجروح.

...

وهل أتى لجنة الأهلة أن هلال رمضان رُئِي في (معسكر) وفي (سيق) وأن مفتي وهران عمل بتلك الرؤية؟ ونسأل اللجنة- في إحراج وإزعاج- لو بلغك خبر الرؤية نهارًا مثل يوم الثلاثاء بدء رمضاننا هذا، فهل تثبتينه، وتعممين الخبر به، وتسعين إلى الراديو لإذاعته، ليمسك الناس، كما هو واجب شرعًا؟ أم تسكتين وتصرّين على الإثم؟

أجابت اللجنة أو لم تجب فإننا على يقين من أن الأخبار تبلغها فتسكت حياء من الشريك أو "المعلم"، لأن الرأي الذي أعطته متفق عليه مبتوت فيه من قبل أن يخلق الهلال، ولا تستطيع أن تخرق الإجماع وحدها، وآية الليل عند هذه اللجنة تمحو آيه النهار ...

***

<<  <  ج: ص:  >  >>