للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما مساكن الطلبة فإن إدارة المعهد تلقى في كل سنة أنواعًا من التعب في إحضار المساكن الكافية لهذا العدد من التلامذة، ويتفرق مآت منهم على الفنادق والحمامات على حسابهم الخاص فيلجئهم غلاء الأسعار إلى مساكن رطبة ضيقة تقضي على صحتهم، ومع أن إدارة المعهد أنفقت في هذه السنوات ملايين في كراء أماكن السكنى، ولكنها أماكن غير صالحة من الوجهة الصحية، حتى أصبح التلامذة مهددين بالأمراض الصدرية وغيرها.

ويعز على إدارة المعهد أن تجهد هذا الجهد كله في تنوير عقول أبناء الأمة بالعلم ثم تعرض أبدانهم للأمراض المستعصية بسبب السكنى في أماكن رطبة محرومة من الشمس والهواء، ويصحب ذلك عيب آخر، وهو عدم تمكن الإدارة من مراقبتهم وضبطهم مع تفرقهم.

لذلك كله رأت في مستهل هذه السنة الدراسية أن تخطو خطوة حاسمة في الموضوع، فأقدمت على شراء دار واسعة ذات ثلاث طبقات، تتسع لإسكان خمسمائة تلميذ، واقعة في مكان يجمع بين الجمال والصحة، ويأخذ حظه من الشمس والهواء من ثلاث جهات.

إن محلا يجمع هذا العدد من الطلبة ويسهل على الإدارة مراقبة أخلاقهم وتنظيم أوقاتهم، وضبط أعمالهم- لقليل الوجود، حقيق بأن تبذل فيه الأموال والجهود.

وجمعية العلماء المسؤولة عن أبناء الأمة، الناظرة إلى مستقبلهم بعين بصيرة- ترى أن هذه النهضة العلمية التي تشرف عليها وتسيرها، يجب أن تساير عصرها ولا تتخلف عن قوافله المجدة، وأن من شروطها الضرورية إعداد ما يستطاع من أبناء هذا الجيل إعدادًا صحيحًا في عقولهم وفي أبدانهم، ومحو الفوارق الاجتماعية بينهم حتى يشعروا أنهم أبناء أمة واحدة يجب عليهم أن يعملوا لها كما عملت لهم، ولا يكون ذلك إلّا بتسويتهم في المعيشة والسكنى، كما هم متساوون في الدراسة والتلقي، فإذا لم تستطع إدارة المعهد جمع تلامذته في مطعم واحد، على غذاء واحد، فلا أقل من جمعهم في مسكن واحد، وإذا حققت إدارة المعهد هذا، فهي عاملة على تحقيق ذاك بعون الله وفضل الأمة.

لذلك ... فجمعية العلماء- بعد موافقتها لإدارة المعهد على هذا المشروع وتأييدها فيه، وشكرها عليه- تعلن من ساعة صدور هذه الكلمة فتح اكتتاب عام شامل بهذا المبلغ، يشترك فيه كل مسلم جزائري وكل مسلمة جزائرية، فلا يشذ عنه إلّا المدخول في عقيدته الدينية، لأن الإسلام للجميع، أو المدخول في عقيدته الوطنية، لأن هؤلاء التلامذة هم عماد الوطن في حياته المستقبلة.

ولتعلم الأمة أن هذا المال الذي تدفعه- قرض حسن لهذا الجيل، أنه سيرده لها أضعافًا مضاعفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>