للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أصول الاجتماع الإسلامي لتخفّف الجمعية ما استطاعت من مصائب التفكك الذي نراه في العائلات ومصائب الطلاق والعقوق.

ومحاضرات كذلك في بيان فوائد الاقتصاد والتوفير وتقبيح الإسراف والتبذير خصوصًا ما يتصل بالعموم كالإسراف في الأفراح والمآتم ويدخل في هذا الباب محاربة القمار. ومحاضرات كذلك في أصول حفظ الصحة البدنية والصحة العقلية، ويدخل في هذا الباب محاربة الخمر الفاتك بالعقول والفجور الفاتك بالأبدان.

كل ذلك على المنهج الديني في الترغيب والترهيب، والتبشير والتنفير حتى لا تخرج الجمعية عن مقصدها من تقوية الشعور الديني في نفوس سكان هذه البلدة إلى أن يرجع الوازع الديني إلى سلطانه.

وحتى لا تقع الجمعية فيما وقع فيه المتنطّعون من شبان الشرق، تركوا حكمة الدين في تحريم الخمر وزواجر القرآن في التعبير عنه والتمسوا تحريمه من قوانين أمريكا وقلدوها في تأسيس الجمعيات لمنع المسكرات.

تركوا فخرهم الذي يتيهون به على الأمم ووضعوا أنفسهم في مؤخرة الأمم وما أقبح بالمسلم أن يطلب الحكمة من غيره وعنده معدن الحكمة، وأن يتطفّل على موائد الغير وعنده الجفنة الرافدة.

أيها السادة: إن الجمعية الدينية تفخر بما تم على يدها من هذا المشروع الواسع وتعترف بأنها إنما قامت ببعض الواجب، وهي ساعية بتوفيق الله في إتمام بقية هذا الواجب وهي المدارس القرآنية، وهي تعترف بأن العهد الذي أخذته على نفسها ثقيل وأن الوفاء به أثقل، وتصرح للملإ بأنها إذا اقتصرت على تشييد الجامع فكأنها لم تصنع شيئًا، وأن الركن الأكبر لا زال مرهونًا للمستقبل وهو بناء المدارس، ثم وسائل تعمير الجميع ثم التعمير الفعلي للجميع، وما وسائل التعمير إلا المال الذي يرصد لتكون حياة الجامع مضمونة وحياة هذه المؤسسات مضمونة. وما التعمير الحقيقي إلا العلم والتعليم.

وهي على هذا تطلب من المحسنين أن يتعاهدوها بالإحسان ويمدوها بالمال فلا بقاء لهذه المؤسسات إلا بالإحسان المتواصل والمدد المتوالي.

وإنها تعد نفسها قائمة بواجب كفائي لا ترجو عليه من المخلوق جزاء ولا شكورا وقد أحسن إليها قوم وأساء إليها آخرون، فقالت للمحسنين أحسنتم وللمسيئين هداكم الله، عالمة أن من أساء اليوم سيحسن غدا إذا ظهر الحق واتضح السبيل، فهي تقابل الإساءة بالعذر تمهيدًا لمقابلة إحسانه بالشكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>