للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وربما خالف الشوكاني القرطبي كما في الأمثلة التالية:

١ - استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى … السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)} [البقرة: ٢٩] أن الأصل في الأشياء المخلوقة الإباحة، حتى يقوم دليل يدل على النقل عن هذا الأصل (١).

والقرطبي ممن لا يرى هذا (٢).

٢ - استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ … عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠٩)} [يوسف: ١٠٩] أن الله سبحانه لم يبعث نبيا من النساء ولا من الجن، وأن في الآية ردا على من قال: إن في النساء أربع نبيات: حواء، وآسية، وأم موسى، ومريم (٣).

قال القرطبي: والصحيح أن مريم نبية؛ لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك كما أوحي إلى سائر النبيين. وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها دلالة واضحة بل على صديقيتها وفضلها (٤).

• ثانيا: أبو السعود (٥):

يعد أبو السعود من أكثر من تأثر به الشوكاني بعد القرطبي في الاستنباط، فقد تأثر به فيما يقارب ثلث استنباطاته، ومن أمثلة ذلك:

١ - في قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)} [الأنفال: ٩ - ١٠] قال أبو السعود: (وفي قصر الإمداد عليهما إشعار بعدم مباشرة الملائكة للقتال، وإنما كان إمدادهم بتقوية قلوب المباشرين، وتكثير سوادهم، ونحوه كما هو رأي بعض السلف) (٦).


(١) انظر: فتح القدير ج ١/ ص ٦٠، والاستنباط رقم: ٦.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١/ ص ٢٩٢.
(٣) انظر: فتح القدير ج ٣/ ص ٦٠، والاستنباط رقم: ١١٨.
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٤/ ص ٨٤.
(٥) محمد (وقيل: أحمد) بن محمد بن مصطفى العمادي الرومي، الحنفي،، المفسر، الأصولي، تولى القضاء والإفتاء، توفي سنة ٩٨٢ هـ. انظر: شذرات الذهب ج ٨/ ص ٣٩٨، ومعجم المفسرين ج ٢/ ص ٦٢٥.
(٦) إرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٨.

<<  <   >  >>