للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الصف]

٢٠٧ - مشروعية التسبيح في كل الأوقات، ماضيها، ومستقبلها، وحالها (١).

قال تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ … (١)} الصف: ١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ووجه التعبير في بعض السور بلفظ الماضي كهذه السورة، وفي بعضها بلفظ المضارع، وفي بعضها بلفظ الأمر الإرشاد إلى مشروعية التسبيح في كل الأوقات، ماضيها، ومستقبلها، وحالها، وقد قدمنا نحو هذا في أول سورة الحديد (٢) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- تعليم الله العباد تسبيحه في كل الأوقات والأزمنة (٤).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر التسبيح بفعل ماضي، ومضارع، وأمر، فذكره بفعل ماضي هنا، وفي قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)} [الحديد: ١]. وقوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ … (١)} [الحشر: ١]. وذكره بفعل مضارع في قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)} [الجمعة: ١]، وفي قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ … شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} [التغابن: ١]. وذكره بالأمر في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١]؛ فدل بدلالة التركيب بين هذه الآيات على تعليم الله العباد تسبيحه في كل الأوقات والأزمنة؛ لأن الماضي يدل على التسبيح في الماضي من الزمان، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان، والأمر يدل عليه في الحال.

قال ابن عادل: (فإن قيل: ما الحكمة في أنه تعالى قال في بعض السور: {سَبَّحَ لِلَّهِ} بلفظ الماضي، وفي بعضها: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} بلفظ المضارع، وفي بعضها بلفظ الأمر؟ فالجواب: أن الحكم في ذلك تعليم العبد أن تسبيح الله تعالى دائم لا ينقطع، كما أن الماضي يدل عليه في الماضي من الزمان، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان، والأمر يدل عليه في الحال) (٥).


(١) وهو استنباط في الدعوات والذكر.
(٢) انظر: فتح القدير ج ٥/ ص ١٦٥.
(٣) فتح القدير ج ٥/ ص ٢١٩.
(٤) تقدم مثل هذا الاستنباط في الآية الأولى من سورة الحديد.
(٥) اللباب ج ١٩/ ص ٤٣.

<<  <   >  >>