للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي: (غرفة) قراءتان: فقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: غَرفة بيده، بفتح الغين، والباقون بضمها (١). وما كان باليد فهو غَرفة بالفتح، وما كان بإناء فهو غُرفة بالضم (٢).

والغَرفة أي: مرة واحدة باليد، وهي المد، والغُرفة: ما تحمله اليد، أو المغروف (٣).

أو الغَرفة: ما كان بيد واحدة، والغُرفة: ما كان بيدين. أو أنهما لغتان بمعنى واحد (٤).

وهذا الاستنباط يستقيم على القراءتين؛ إذ هما دالتان على القلة، إلا أنه- والله أعلم- على قراءة الفتح أظهر، وذلك على توجيهها بأنها بالكف الواحد. لأن فيها مزيد قلة.

٣٠ - يقال للماء طعام (٥).

قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)} البقرة: ٢٤٩.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} يقال: طعمت الشيء، أي: ذقته، وأطعمته الماء أي أذقته. وفيه دليل على أن الماء يقال له طعام) (٦).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٧) -رحمه الله- من الآية أن الماء يقال له طعام.


(١) انظر: النشر ج ٢/ ص ٢٣٠، وإتحاف فضلاء البشر ج ١/ ص ٢٠٧، والبدور الزاهرة ج ١/ ص ١٢٣.
(٢) انظر: الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار ج ١/ ص ١١١، والحجة في القراءات السبع لابن خالويه ج ١/ ص ٩٩، وحجة القراءات لابن زنجلة ج ١/ ص ١٤٠.
(٣) انظر: الكتاب المختار ج ١/ ص ١١١، ومفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني للكرماني ص ١٢٠، وحجة القراءات ج ١/ ص ١٤٠.
(٤) انظر: الكتاب المختار ج ١/ ص ١١١، ١١٢.
(٥) وهو استنباط لغوي.
(٦) فتح القدير ج ١/ ص ٢٦٥.
(٧) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) في الآية دليل على القول بسد الذرائع. ووجهه: أن أدنى الذوق يدخل في لفظ الطعم، فإذا وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم. انظر: المحرر الوجيز ص ٢٢٥، والجامع لأحكام القرآن ج ٣/ ص ٢٤٠. وإنما يستقيم هذا الاستنباط على تفسير يطعمه بمعنى يذقه، ولا يستقيم على تفسيره بيشربه كما هو تفسير البغوي في معالم التنزيل ج ١/ ص ٢٣١.
٢) الرد على الجبرية؛ لقوله: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ}، وقوله: {اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} حيث أضاف الفعل إليهم.
٣) ينبغي للقائد أن يتفقد الجند؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ} أي مشى بهم، وتدبر أحوالهم، ورتبهم. انظر هذين الاستنباطين وغيرهما من الاستنباطات النافعة في تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ٢٢٢ - ٢٢٨.

<<  <   >  >>