للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأعراف: ١٥٠.

قال الشوكاني: (وإنما قال {ابْنَ أُمَّ} مع كونه أخاه من أبيه وأمه؛ لأنها كلمة لين وعطف، ولأنها كانت كما قيل مؤمنة) (١).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٢) أن مناسبة تخصيص هارون -عليه السلام- الأم بالإضافة في مناداته لموسى -عليه السلام-، مع كونه أخاه من أبيه وأمه؛ لأنها كلمة لين وعطف، وللتنبيه على أن أمهما كانت

مؤمنة (٣).

ووجه الاستنباط: أن هارون -عليه السلام- نادى موسى -عليه السلام- بابن أم، وخص الأم بذلك مع كونه أخاه من أبيه وأمه؛ فدل مناسبة اللفظ على أن أمهما كانت مؤمنة، وأن مناداته له بها كانت استعطافا له، وترقيقا لقلبه.

قال النسفي: (كان ابن أمه وأبيه، و إنما ذكر الأم لأنها كانت مؤمنة، ولأن ذكرها أدعى إلى العطف) (٤).

وممن قال بهذا الاستنباط: النسفي-كما تقدم-، وأبو حيان، والقنوجي. (٥). وأشار إليه الزمخشري (٦).

وممن قال بأنها للاستعطاف دون أن يشير لكون أمهما كانت مؤمنة: ابن عطية، والقرطبي، والبيضاوي، وابن كثير، والآلوسي، والسعدي (٧).

وفي الآية قول آخر، فقيل: إن قوله: {ابْنَ أُمَّ} على ظاهره، فهو أخوه لأمه لا لأبيه (٨).

والقول الأول-والله أعلم- أولى؛ لأمور:


(١) فتح القدير ج ٢/ ص ٢٤٨.
(٢) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يسقط في حال الخوف على النفس، وفي الحال الذي يعلم أنه لا ينفع.
٢) الغضب والأسف على المبتدع محمود في الدين. انظر هذين الاستنباطين في: محاسن التأويل ج ٥/ ص ١٨٨.
٣) من ألقى كتب علم من يده على الأرض وهو غضبان لا يلام. انظر: الإكليل ج ٢/ ص ٧٦٧.
٤) الخطأ في الاجتهاد مع وضوح الأدلة غير معذور فيه صاحبه في إجراء الأحكام عليه. انظر: التحرير والتنوير ج ٨/ ص ٢٩٨.
(٣) ذكر الشوكاني مثل هذا الاستنباط في سورة طه ٩٤.
(٤) مدارك التنزيل ج ٢/ ص ١١٤.
(٥) انظر: مدارك التنزيل ج ٢/ ص ١١٤، والبحر المحيط ج ٤/ ص ٥٠٠، وفتح البيان ج ٥/ ص ٢٤.
(٦) الكشاف ج ٢/ ص ١٥٣.
(٧) انظر: المحرر الوجيز ص ٧٤٦، والجامع لأحكام القرآن ج ٧/ ص ٢٥٦، وأنوار التنزيل ج ٣/ ص ٦١، وتفسير القرآن العظيم ج ٤/ ص ٩٠، وروح المعاني ج ٩/ ص ٦٨، وتيسير الكريم الرحمن ص ٣٠٤.
(٨) حكاه البغوي في معالم التنزيل ج ٢/ ص ٢٠٢، وأبو حيان في البحر المحيط ج ٤/ ص ٥٠٠.

<<  <   >  >>