للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الباب الثاني

جمع ودراسة استنباطات الشوكاني في تفسيره

من أول سورة الفاتحة

إلى آخر سورة الناس

[سورة الفاتحة]

١ - العبادة وسيلة إلى الاستعانة (١).

قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} الفاتحة: ٥.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقدمت العبادة على الاستعانة؛ لكون الأولى وسيلة إلى الثانية، وتقديم الوسائل سبب لتحصيل المطالب) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن العبادة وسيلة إلى الاستعانة.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى قدم العبادة على الاستعانة، وتقديم الوسائل سبب لتحصيل المطالب؛ فدل التقديم على أن العبادة وسيلة للاستعانة.

ولعل مقصوده -والله أعلم- أن في العبادة خضوعا وتذللا، والاستعانة بالله حاجة للعبد، فتقديم الخضوع والتذلل على طلب الحاجة، هو كالوسيلة لتحصل الإجابة إليها.

وأحسن منه وأدق استنباط السيوطي حيث قال: (فيه الإرشاد إلى تقديم الخضوع والتذلل على طلب الحاجة) (٤).


(١) وهو استنباط فائدة علمية.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٢٣.
(٣) واستنبط غيره استنباطات أخرى من الآية، منها:
١) في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} إثبات لمذهب أهل السنة إذ فيه إثبات الفعل من العبد، والتوفيق من الله كالخلق. وفيه دليل على بطلان قول الجبرية والمعتزلة. ووجه الرد على الجبرية النافين للفعل من العبد {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ففيها إثبات الفعل للعبد. أما الرد على المعتزلة فبقوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} فإثبات طلب الاستعانة يبطل قولهم بقدرة العبد على خلق أفعال نفسه. انظر: التسهيل لعلوم التنزيل ج ١/ ص ٣٣. وروح البيان ج ١/ ص ١٩، ٢٠، وتيسير الكريم الرحمن ص ٤٠.
٢) في ذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها بيان لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى، فإنه إن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي. انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٣٩.
٣) في الالتفات إلى الخطاب في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} بعد الغيبة في أول السورة إشارة إلى أن العبد إذا ذكر الله؛ تقرب منه، وحضر بين يديه. انظر: أنوار التنزيل ج ١/ ص ٦٣. والتسهيل لعلوم التنزيل ج ١/ ص ٣٣، وتفسير القرآن العظيم ج ١/ ص ٢٠٦، وفتح البيان ج ١/ ص ٤٨، وجواهر الأفكار ص ٣٨، وزهرة التفاسير ص ٦٣.
(٤) الإكليل ج ١/ ص ٢٩٠.

<<  <   >  >>