للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة النحل]

١٢٣ - ركوب الخيل والبغال والحمير هو المعتبر في المقصود، بخلاف التزين بها فهو حاصل في نفس الأمر ولكنه غير مقصود بالذات (١).

قال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨)} النحل: ٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ولم يقل لتتزينوا بها حتى يطابق لتركبوها؛ لأن الركوب فعل المخاطبين، والزينة فعل الزائن وهو الخالق، والتحقيق فيه أن الركوب هو المعتبر في المقصود، بخلاف الزينة فإنه لا يلتفت إليه أهل الهمم العالية؛ لأنه يورث العجب، فكأنه سبحانه قال خلقتها لتركبوها فتدفعوا عن أنفسكم بواسطتها ضرر الإعياء والمشقة، وأما التزين بها فهو حاصل في نفس الأمر، ولكنه غير مقصود بالذات) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن ركوب الخيل والبغال والحمير هو المعتبر في المقصود، بخلاف التزين بها فهو حاصل في نفس الأمر ولكنه غير مقصود بالذات.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى قال: {وَزِينَةً}، ولم يقل لتتزينوا بها حتى يطابق لتركبوها؛ لأن الركوب فعل المخاطبين، والزينة فعل الزائن وهو الخالق؛ فدل ذلك بدلالة تغيير النظم على أن الركوب هو المعتبر في المقصود، بخلاف الزينة فإنه لا يلتفت إليه أهل الهمم العالية؛ لأنه يورث العجب، فكأنه سبحانه قال خلقتها لتركبوها فتدفعوا عن أنفسكم بواسطتها ضرر الإعياء والمشقة، وأما التزين بها فهو حاصل في نفس الأمر، ولكنه غير مقصود بالذات.

قال البيضاوي: (وتغيير النظم لأن الزينة بفعل الخالق، والركوب ليس بفعله، ولأن المقصود من خلقها الركوب، وأما التزين بها فحاصل بالعرض) (٤).


(١) وهو استنباط تربوي.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ١٤٩.
(٣) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) تحريم أكل لحوم الخيل، بدلالة الاقتران. انظر: الإشارات الإلهية ج ٢/ ص ٣٦٣، والإكليل ج/ ص ٩٠٠، ومنهج الاستنباط من القرآن ص ٣٣٣، ٣٣٤.
٢) تحريم الخيل والبغال والحمير بدليل الخطاب؛ لأن تخصيصها بالركوب دليل على أنه لا يجوز أكلها. انظر: أحكام القرآن لابن الفرس ج ٣/ ص ٢٤٢، ٢٤٣، وأحكام القرآن للكيا ج ٤/ ص ٢٤٢. وهذان الاستنباطان من الاستنباطات التي ردها الشوكاني انظر: فتح القدير ج ٣/ ص ١٤٩.
٣) عدم وجوب الزكاة في الخيل.؛ لأنه قرن بين الخيل والبغال والحمير، والبغال والحمير لا زكاة فيها إجماعا؛ فدل بدلالة الاقتران على أنه لا زكاة فيها. انظر: الإكليل ج/ ص ٩٠١، ومنهج الاستنباط من القرآن ص ٣٣٤.
(٤) أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٣٨٧.

<<  <   >  >>