(٢) واستنبط غيره من قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} … الآية استنباطات أخرى، منها: ١) يفهم من هذه الآيات أن المؤمن يجب عليه أن لا يلين إلا في الوقت المناسب للين، وألا يشتد إلا في الوقت المناسب للشدة؛ لأن اللين في محل الشدة ضعف وخور، والشدة في محل اللين حمق وخرق. انظر: أضواء البيان ج ١/ ص ٣١٦. ٢) في الآية دلالة على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم-؛ وذلك لأن الذين ارتدوا من العرب بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما قاتلهم أبو بكر وهؤلاء الصحابة، وقد أخبر الله أنه يحبهم ويحبونه، وأنهم يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم، ومعلوم أن من كانت هذه صفته فهو ولي الله. ولم يقاتل المرتدين بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- غير هؤلاء المذكورين وأتباعهم، ولا يتهيأ لأحد أن يجعل الآية في غير المرتدين بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- من العرب، ولا في غير هؤلاء الأئمة؛ لأن الله تعالى لم يأت بقوم يقاتلون المرتدين المذكورين في الآية غير هؤلاء. انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ٤/ ص ١٠١، والتفسير الكبير ج ١٢/ ص ١٩. ٣) هذه الآية من أدل الدلائل على فساد مذهب الإمامية من الروافض، وتقرير مذهبهم أن الذين أقروا بخلافة أبي بكر وإمامته كلهم كفروا وصاروا مرتدين؛ لأنهم أنكروا النص الجلي على إمامة علي عليه السلام، فنقول لو كان كذلك لجاء الله تعالى بقوم يحاربهم ويقهرهم ويردهم ويبطل شوكتهم، فلو كان الذين نصبوا أبا بكر للخلافة كذلك لوجب بحكم الآية أن يأتي الله بقوم يقهرهم ويبطل مذهبهم، ولما لم يكن الأمر كذلك، بل الأمر بالضد، فإن الروافض هم المقهورون الممنوعون عن إظهار مقالاتهم الباطلة أبدا منذ كانوا، علمنا فساد مقالتهم ومذهبهم. انظر: التفسير الكبير ج ١٢/ ص ١٨، ١٩.