للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- من الآية أن نفي الشريك عن الله يدل على نفي الولد؛ لأن الولد ينازع أباه في ملكه.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى نفى عن نفسه سبحانه الشريك؛ إذ لو كان معه-سبحانه-آلهة لانفرد كل إله بخلقه، واستبد به، ووقع بينهم التحارب، ولغلب القوي على الضعيف، وأخذ ملكه كعادة الملوك من بني آدم؛ لأن الشريك ينازع في الملك؛ فدل نفي الشريك المنازع في الملك بدلالة الالتزام على نفي الولد؛ لأن الولد ينازع أباه في ملكه.

ولذا لم يستدل على انتفاء اتخاذ الولد كما استدل على انتفاء الشريك. قال الآلوسي: (ولم يستدل على انتفاء اتخاذ الولد إما لغاية ظهور فساده، أو للاكتفاء بالدليل الذي أقيم على انتفاء أن يكون معه سبحانه إله بناء على ما قيل أن ابن الإله يلزم أن يكون إلها إذ الولد يكون من جنس الوالد وجوهره) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، والقنوجي. (٢). وأشار إليه الآلوسي (٣).

والمعنى المستنبط وإن كان صدر الآية دال عليه إلا أن المقصود هنا استنباطه من نفي الشريك.

١٥٦ - مناسبة ختم سورة المؤمنون بالأمر بطلب مغفرة الله ورحمته (٤).

قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)} المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠.

إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)} المؤمنون: ١١٧، ١١٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ثم ختم هذه السورة بتعليم رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوه بالمغفرة والرحمة، فقال: {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)} أمره سبحانه بالاستغفار لتقتدي به أمته. وقيل: أمره بالاستغفار لأمته. وقد تقدم بيان كونه أرحم الراحمين. ووجه اتصال هذا بما قبله أنه سبحانه لما شرح أحوال الكفار أمر بالانقطاع إليه، والالتجاء إلى غفرانه ورحمته) (٥).


(١) روح المعاني ج ١٨/ ص ٦٠.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٢/ ص ١٣٢، وفتح البيان ج ٩/ ص ١٤٥.
(٣) انظر: روح المعاني ج ١٨/ ص ٦٠.
(٤) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٥) فتح القدير ج ٣/ ص ٥٠١.

<<  <   >  >>