للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (١) من الآية وجوب ترك التقيد بالمذاهب المخالفة لما في الكتاب والسنة (٢).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أمر بالاستجابة له ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، أي: الانقياد لما أمرا به، والاجتناب لما نهيا عنه؛ فيلزم من ذلك معرفة الأوامر والمنهيات، أي معرفة الأدلة؛ فدل ذلك على المنع من التقليد للمذاهب المخالفة للكتاب والسنة.

وهذا الاستنباط نقله القنوجي في تفسيره (٣).

وفي هذا الاستنباط حث على معرفة الدليل؛ لأنه السبيل إلى الاتباع الصحيح على بصيرة.

٨٤ - الأقلون من كفار قريش يعلمون أنهم ليسوا أولياء المسجد الحرام ولكنهم يعاندون (٤).

قال تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٤)} الأنفال: ٣٤.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٤)} ذلك. والحكم على الأكثرين بالجهل يفيد أن الأقلين يعلمون ولكنهم يعاندون) (٥).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني من الآية أن الأقلين من كفار قريش يعلمون أنهم ليسوا أولياء المسجد الحرام ولكنهم يعاندون (٦).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أن أكثر كفار قريش لا يعلمون، فحكم على الأكثرين بالجهل؛ فدل بمفهوم المخالفة (للأكثر)، أو بالتقييد بالأكثر على أن الأقلين من كفار قريش يعلمون أنهم ليسوا أولياء المسجد الحرام ولكنهم يعاندون.


(١) واستنبط غيره من قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)} أن الله تعالى خالق لجميع اكتساب العباد خيرها وشرها. ففيها رد على القدرية والمعتزلة القائلين بأن الناس هم الذين يقدرون أكسابهم. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٧/ ص ٣٤٢، والإشارات الإلهية ج ٢/ ص ٢٦٣، والإكليل ج ٢/ ص ٧٨٥.
(٢) تقدم عند الآيتين: ٢٢، و ١٧٠ من سورة البقرة بيان استنباط الشوكاني لمنع التقليد من تلكم الآيتين، مع بسط القول في دراستهما. وانظر أيضا: التوبة: ٣١ (ج ٢/ ص ٣٥٣)، الأحزاب: ٦٧ (ج ٤/ ص ٣٠٦)، والزخرف: ٢٢ (ج ٤/ ص ٥٥٢، ٥٥٣).
(٣) انظر: فتح البيان ج ٥/ ص ١٥٥، ١٥٦.
(٤) وهو استنباط دعوي أو عقدي لأن الإنصاف من شعب الإيمان.
(٥) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٠٥.
(٦) وسيأتي مثل هذا الاستنباط عند سورة المؤمنون: ٧٠.

<<  <   >  >>