للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الزمر]

١٨٥ - تبشير المؤمنين بأعظم ما يرجونه من دفع الضرر عنهم (١).

قال تعالى: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)} الزمر: ٣٥

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} فإن ذلك هو أعظم ما يرجونه من دفع الضرر عنهم؛ لأن الله سبحانه إذا غفر لهم ما هو الأسوأ من أعمالهم غفر لهم ما دونه بطريقة الأولى) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني- رحمه الله- من الآية تبشير المؤمنين بأعظم ما يرجونه من دفع الضرر عنهم.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أنه يكفر عن المحسنين (٣) أسوأ ما عملوه؛ فدل ذلك بدلالة مفهوم الموافقة- مفهوم الأولى- على أنه سبحانه يغفر لهم ما دونه، وهذه بشارة لهم بأعظم ما يرجونه من دفع الضرر عنهم.

وممن قال بهذا الاستنباط: البيضاوي، وأبو حيان، والقنوجي، وابن عاشور. (٤).

وهذا الاستنباط على أن أسوأ هنا أفعل تفضيل. قال أبو حيان: (والظاهر أن أسوأ هنا أفعل تفضيل وبه قرأ الجمهور، وإذا كفر أسوأ أعمالهم فتكفير ما هو دونه أحرى) (٥).


(١) وهو استنباط في الرقائق.
(٢) فتح القدير ج ٤/ ص ٤٦٣.
(٣) الذين ذكرهم الله تعالى بقوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤)} [الزمر: ٣٣ - ٣٤]. وهم كما ذكر الطبري: كل من دعا إلى توحيد الله، وتصديق رسله، والعمل بما ابتعث به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من بين رسل الله، وأتباعه، والمؤمنين به، والصدق هو القرآن، وشهادة أن لا إله إلا الله، والمصدِّق به المؤمنون بالقرآن من جميع خلق الله كائنا من كان من نبي الله وأتباعه؛ لأن الله تعالى ذكره لم يخص وصفه بهذه الصفة التي في هذه الآية على أشخاص بأعيانهم، ولا على أهل زمان دون غيرهم، وإنما وصفهم بصفة، ثم مدحهم بها، وهي المجيء بالصدق والتصديق به، فكل من كان كذلك وصفه فهو داخل في جملة هذه الآية إذا كان من بني آدم. انظر: جامع البيان ج ٢٠/ ص ٢٠٦.
(٤) انظر: أنوار التنزيل ج ٥/ ص ٦٧، والبحر المحيط ج ٧/ ص ٥٧١، وفتح البيان ج ١٢/ ص ١١٦، والتحرير والتنوير ج ٢٤/ ص ٨٨.
(٥) البحر المحيط ج ٧/ ص ٥٧١.

<<  <   >  >>