للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الأنفال]

٨١ - الملائكة لم تقاتل ببدر (١).

قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)} الأنفال: ٩ - ١٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ} أي: بالإمداد قلوبكم. وفي هذا إشعار بأن الملائكة لم يقاتلوا، بل أمد الله المسلمين بهم للبشرى لهم، وتطمين قلوبهم، وتثبيتها) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني من الآية أن الملائكة لم تقاتل يوم بدر، بل أمد الله المسلمين بهم للبشرى لهم، وتطمين قلوبهم، وتثبيتها (٣).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أنه ما جعل الإمداد بالملائكة إلا بشرى بالنصر، وطمأنينة للقلوب؛ فدل بمفهوم المخالفة- مفهوم الحصر- على عدم مباشرة الملائكة للقتال يومئذ.

قال أبو السعود: (وفي قصر الإمداد عليهما إشعار بعدم مباشرة الملائكة للقتال، وإنما كان إمدادهم بتقوية قلوب المباشرين، وتكثير سوادهم، ونحوه كما هو رأي بعض السلف) (٤).

وهذا الاستنباط نقله القنوجي (٥). وحكاه الرازي، والآلوسي (٦).

والأظهر أن الملائكة باشرت القتال يومئذ. وهذا هو قول جماعة من المفسرين كابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، وابن عاشور (٧). وبه قال ابن القيم في زاد المعاد، قال: (وكانت الملائكة يومئذ تبادر المسلمين إلى قتل أعدائهم) (٨).


(١) وهو استنباط في السيرة النبوية لتعلقه بغزوة بدر.
(٢) فتح القدير ج ٢/ ص ٢٩٠.
(٣) استنبط الشوكاني هذا الاستنباط من قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦)} [آل عمران: ١٢٦]. وقد سبق بيانه هناك.
(٤) إرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٨.
(٥) انظر: فتح البيان ج ٥/ ص ١٣٩.
(٦) انظر: التفسير الكبير ج ١٥/ ص ١٠٥، وروح المعاني ج ٩/ ص ١٧٤.
(٧) انظر: المحرر الوجيز ص ٣٥٢، والجامع لأحكام القرآن ج ٤/ ص ١٨٨، ١٨٩، وتفسير القرآن العظيم ج ٢/ ص ٤١٤، والتحرير والتنوير ج ٣/ ص ٢٠٨.
(٨) انظر: زاد المعاد ص ٤٩٣.

<<  <   >  >>