للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١ - كل وصية من العباد تخالف وصية الله فهي مسبوقة بوصية الله (١).

قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ … رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢)} النساء: ١٢.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي كون هذه الوصية من الله سبحانه دليل على أنه قد وصى عباده بهذه التفاصيل المذكورة الفرائض، وأن كل وصية من عباده تخالفها فهي مسبوقة بوصية الله، وذلك كالوصايا المتضمنة لتفضيل بعض الورثة على بعض أو المشتملة على الضرار بوجه من الوجوه) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- مناسبة قوله تعالى: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} التنبيه على أن كل وصية من عباده تخالفها فهي مسبوقة بوصية الله، و ذلك كالوصايا المتضمنة لتفضيل بعض الورثة على بعض، أو المشتملة على الضرار بوجه من الوجوه.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر مقادير المواريث، وحذر من الضرار في الوصايا (٣)، ثم أعقب ذلك بقوله: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} -أي: عهدا من الله إليكم فيما يجب لكم من ميراث من مات منكم-؛ فدل ذلك على أن كل وصية خالفت ما أمر الله به في تقسيم المواريث أو في الوصايا باطلة مردودة بوصية الله؛ لأنها سابقة لكل وصية يوصي بها العباد.


(١) وهو استنباط فقهي.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٤٣٥.
(٣) الضرار في الوصية يقع على وجوه:
أحدها: أن يوصي بأكثر من الثلث.
وثانيها: أن يقر بكل ماله أو ببعضه لأجنبي.
وثالثها: أن يقر على نفسه بدين لا حقيقة له دفعا للميراث عن الورثة.
ورابعها: أن يقر بأن الدين الذي كان له على غيره قد استوفاه ووصل إليه.
وخامسها: أن يبيع شيئا بثمن بخس، أو يشتري شيئا بثمن غال، كل ذلك لغرض أن لا يصل المال إلى الورثة.
وسادسها: أن يوصي بالثلث لا لوجه الله لكن لغرض تنقيص حقوق الورثة. انظر: التفسير الكبير ج ٩/ ص ١٨٢.

<<  <   >  >>